يتحقق دخولنا إلى العالم الأول حالما يتم إلغاء وزارة العمل، ووزارة التجارة، ووزارة الخدمة المدنية، لأنها عقاقير تزيد آلام الجسد السعودي وتبث حلولاً سامة بدلاً من تقديم أدوية ناجعة، هذه الأخوات الثلاث بتن مجرد حاضنات لبراد الضحى، وهي جلسة نهارية اعتادت نسوة الأحياء القديمة على ممارستها يومياً عدا الخميس والجمعة. تتوهم وزارة العمل وجود عضلات مفتولة داخل جسدها المترهل، المتورم بسمنة قوانين حان الوقت لإجبارها على حمية قاسية حتى تعود إلى مكانها المناسب، مجرد هيئة وطنية تقدم دراسات ونصائح، فليس كل أهل الرأي يليق بهم كتابة قانون أو تطبيقه، كما أنها عاجزة تماماً عن فهم كيفية زراعة ثقافة العمل في مجتمع رعوي، زراعي، وبحري بطبيعته، عاجز أفراده عن الخروج من طائرة اعتقاد أن الوظيفة متاحة لهم لمجرد كونهم سعوديين، وليس لأنهم عاملون، فكل ما تزرعه هذه الوزارة يشبه تماماً زراعة قمح على سفح جبل. أتت وزارة الخدمة المدنية لقتل إخفاقات ديوان الخدمة المدنية، وكعادتنا نقتل صاحب النظرية ونعتقدها، تمت إضافة جلباب فضفاض على عجوز متغطرسة، فأصبحت تحاول ممارسة تصابي فج، وإدعاء بقدرتها على تنظيم وظائف الحكومة، متناسية ومتجاهلة أهمية أن يكون لديها »توصيف وظيفي» لكل موظف حتى لا تصبح الجهات الخادمة للمجتمع عبارة عن سوق خضار لا فرق بين بائع الطماطم فيها وبائع الكوسة. تحتاج وزارة التجارة لمشنقة تكفي لخنق »أبو الهول» لأنها تنتمي لعصره، وتعمل بأدوات حجرية، حتى موقعها الإلكتروني يشبه بقايا »ميك آب» على وجه سيدة في عقدها الثامن، وتمتاز بضعف شخصية يكشفه اختصاصها من إمارات مناطق ووزارات شقيقة، قد لا يكون اختطافاً بقدر محاولة الجميع ترقيع ثوب وزارة التجارة المكتظ بثقوب لا تجدها إلا في ملابس اليتامى. أصبحت السعودية بيئة شابة، بتوقيع 67 في المئة من مواطنيها المنتمين إلى فئة الشباب، فيما تدار الوزارات الثلاث بكوادر يحمل آحادها لقب جد، على النقيض من وزارات أوروبية يتسيدها كوادر أعمارهم أقل من ال30، فمقولة »سعودي قديم» تنتشر وصفاً على قمم وزاراتنا، وتنتشر على بقية سفوحه، حتى على مستوى اللغة أصبح الأحفاد يتحدثون بمفردات ليست ضمن القاموس اللغوي للكبار، فإذا كانت اللغة سكة الحديث، فإن أفكار الجيل الجديد لا تتوقف في ديار الجيل القديم. بات - وبفعل التقنية - الفرق بين الأجيال واضحاً، فيما سيكون في جهازنا الحكومي خلال سنوات مقبلة وظائف لا تجد باحثاً عنها لأنها تحتاج إلى كفاءات نادرة، نظراً لتدني مستويات شهادات وخبرات كافية لها، كوظائف غير مرغوبة حتى للعمالة الأجنبية، فيما سلم رواتب الوظائف الحكومية لن يستطيع منافسة سلم رواتب القطاع الخاص، وكذلك المميزات الإضافية، في حين أن إصابة جسد الوزارات الثلاث بفيروس »المحسوبية والرشاوى» كفيل باستحقاق »إغلاق عاجل»، أو رصاصة رحمة من خلال مشروع خصخصة يتوافق مع متطلبات دولة عصرية. تأتي النصيحة الآتية: إغلاق الوزارات الثلاث، وإحالة تخصصاتها إلى الغرف التجارية، أو شركات بديلة، وربما هيئات شبه حكومية تحقق حلاً وسطياً، أما استمرار »العجائز الثلاث» بثقافتهن المهنية نفسها، وعقيدتهن الضعيفة، فيعني اتساع دائرة البطالة، الجهل، وزيادة العمالة الأجنبية حتى يصبح السعوديون أقلية في وطنهم، هكذا تقول مؤشرات الاستقدام، والفرص المتاحة للنمو الاقتصادي. يظهر السؤال الصعب: ماذا نفعل بموظفي تلك الوزارات؟ يكون الجواب بانتقالهم إلى البيئات البديلة، بعضاً وليس كلاً، مع ضمان حقوق التقاعد الباكر للباقين، فلعل في موت وظائفهم حياة كريمة لهم ولوطنهم. [email protected] @jeddah9000