تتفرد تجارة الحشيش بوجود «أدبيات» مرادفة لها، من دون بقية مسارب تجارة المخدرات، ويقودون أكبر حملة علاقات عامة لمنتج، فلا غرابة أن ترصد وزارة التعليم في مدارسها انتشار كتب غير منهجية، يتداولها طلاب المراحل التعليمية، تبدأ بجملة «فيه واحد محشش مسكته الشرطة، قالت له ليش عيونك حمرا، قال كنت أشرب «فيمتو» وأنا منسدح». تلعب نكت المحششين في كل مساحات حياة العرب، تحديداً السياسة الداخلية تحوز على نصيب كبير، ما دفع الراحل ياسر عرفات ذات مجد إلى تأسيس وحدة استخباراتية لرصد وتحليل «النكت السياسية»، قد لا يكون وحيداً في حكمته، لكن من يعود لقاءه مشهد النكتة السياسية في سورية خلال أعوام، يدرك حالياً أن اشتعال سيجارة حشيش قد يؤدي إلى احتراق عرش. تؤدي ملاحقة مسارات نكت منسوبة لمحششين سعوديين إلى رصد غضب من وزراء ومسؤولين، فعندما اعتذر أحدهم لمرافقيه لأن طريقته في القيادة أدت إلى انقلاب سيارة تقلهم، كان جوابهم «لا تعتذر، حنا اللي ما ركبنا زين»، بينما «الجن» لم تخرج من دائرة المحششين، لأن أحدهم عثر على جوال «عفريت» فلم يتوقف عن إمطاره برسائل يومية تحتوي الجملة ذاتها «بسم الله الرحمن الرحيم». تأتي «الصراصير» في مرتبة متأخرة ضمن قائمة نكت المحششين السعوديين، بينما تحتل الزوجة مركزاً متقدماً، في حين يأتي «الخكاريا» - وهو توصيف سعودي لفتيان يتمخطرون في نعومة الملبس و«ميوعة اللغة» - في صدارة المحتوى الإلكتروني، وفق استجابة العم «قوقل»، عندما أتوسل له بمنحي نكتة أبدد بها نهارات عمر ما بعد ال 40، فيكون أحد أجوبته «فيه واحد محشش رجع إلى البيت متأخر، دق الباب، فتحت له أخته، قام ضربها، ليش سهرانة؟»، ربما أراد «قوقل» تذكيري بانتمائي لمجتمع ذكوري، يحلل للذكر ما يحرمه على الأنثى. يمتلك تجار الحشيش قدرة على تغذية الشارع السعودي بحملات تسويقية يومية، وبالتالي فإن وجود الإعلان يحتم وجود السلعة مسبقاً، لا يمتلك تجار «الهيروين» الحظوظ ذاتها، ولا باعة حبوب الهلوسة، كما أنهم لا يمتلكون حق التظلم لوزارة التجارة، وبالتالي فإن هبوط قيمة سيجارة حشيش يعني أن قاعدة المستهلكين استجابوا بفعالية. اقتدت تنظيمات «القاعدة» بالحشاشين، وبنت «أدبيات جهادية» انتشرت في مدارسنا على شكل كتب شبه منهجية، كذلك على منابر مساجد و«إنترنت»، في حين تتفقان بقدرتهما على إسالة الماء من العيون، الأولى ضحكاً، والثانية حزناً على شباب تمزق جسد آخرهم على أعتاب قصر رئاسي في «مكلا» اليمن قبل أيام، مصحوباً بأشلاء 30 جندياً كانوا في انتظار مستقبل جديد ليمن لم يعد سعيداً. يرفع أحدهم هاتفه مستنجداً بجهات أمنية، لأن أمامه حادثة سير تتشارك فيها 70 سيارة، تأتي النجدة فتجده جالساً على ناصية «حوش تشليح» مكتظ بسيارات تالفة، هكذا يتم التسويق لبراءة المحشش، بينما صديقه يدخل متجراً صغيراً ويسأل البائع: «عندك سكر؟»، فيجيبه البائع: نعم، يرد المحشش: «الله يشفيك». تشبه نكت المحششين رسوم الكاريكاتير، وخز في الخاصرة، تعرية واقع، ضحكات عاجز، قابلة للنشر، مستعصية على التفسير، جريمة في عين الرقيب، مباحة في عين القانون، ويمتاز كلاهما «النكتة والكاريكاتير» بالقدرة على ممارسة صفعة. [email protected] @jeddah9000