عرضت القناة الرابعة السويدية وثائقياً تلفزيونياً عن ضحايا داعش من الإيزيديين، أعده المصور الكردي المقيم في السويد هوجير هيروري الذي سارع للذهاب من استوكهولم إلى المناطق والمعسكرات التي أقيمت لاستقبال الهاربين من بطش «داعش» لينقلوا في ما بعد إلى مدن كردية أخرى، استعدت وضمن إمكاناتها المحدودة لإيوائهم. الوثائقي شهادة سطّرها الهاربون من جبل سنجار والذين تركوا كل شيء وراءهم ولم يتبق لهم في الأرض الجرداء سوى ذكرياتهم عن أحبّتهم الذين فقدوهم وعن العذاب الذي لاقوه على أيدي مقاتلي داعش بعد سيطرة «الدولة الإسلامية» على الموصل واجتياحها قرى سنجار ذات الغالبية الإيزيدية. شهادات لأمهات ثكلى ورجال تركوا خلفهم عائلات بأكملها ولا يعرفون شيئاً عنها. قصص مخيفة تلك التي قدمها الهاربون بعفوية وبإحساس عميق بالمرارة والحزن والفقدان. غالبية من التقى البرنامج بهم كانوا من النساء، فالرجال أكثريتهم تمت تصفيتهم حال دخول الجهاديين سنجار. مع أطفالهن هربن في رحلة شاقة حافيات لا شيء معهن سوى أسمال تستر أبدانهن وأطفالهن إلى مناطق كردستان أو إلى داخل الحدود السورية وبعضهن من هناك عدن ثانية إلى الإقليم. يجمع الوثائقي بين الصور الحية المسجلة للنازحين بكل تفاصيلها الصارخة وبين التسجيلات الخاصة بمقاتلي داعش أثناء دخولهم الموصل. لقد أكد هؤلاء عزمهم على تصفية الإيزيديين باعتبارهم، وحسب فهمهم المغلوط لديانتهم ومعتقداتهم، كفرة ومن عبدة الشيطان ولهذا حل قتلهم وسبي نسائهم. أما تعليق المصور الكردي فكان مؤثراً لأنه أضفى بعداً شخصياً على مشهد السبي، فهوجير جرّب المنفى والتشرد حين أضطر للهروب من بطش صدام حسين إلى الخارج وحيداً. يعرف المصور جيداً إحساس النازح بالغربة والضياع ويعرف ماذا يعني أن تكون طفلاً وحيداً في أرض غريبة. يسجل «ضحايا داعش» مقابلات مع أطفال جاؤوا إلى كردستان من دون ذويهم وكيف يختلج داخلهم شعور بالخوف والعزلة المطبقة. الانتهاكات الجسدية التي تعرضت لها النساء الإيزيديات ترتجف لها الأبدان فقد عوملن كبضاعة رخيصة تناقلها الجهاديون في ما بينهم، وشهادة إحدى النساء المتزوجات والتي تمكنت من الهروب مع طفلها تغني عن الكثير. «حالما دخلوا القرية فصلوا نساءها عن رجالها، وبعد ذلك أخذونا إلى بيوتهم في الموصل هناك قاموا ببيعنا إلى مسلحي التنظيم. سعر الواحدة منا كان حوالى 14 ألف دينار عراقي (ما يقارب 12 دولاراً). كل امرأة وصبية لا تبقى عند الجهادي أكثر من يومين. لقد بيع بعضنا أكثر من عشر مرات خلال أسبوعين فقط». طريقة هربها ومساعدة الناس من أبناء المنطقة لها تحدث صدمة عند سامعها، لشدة بشاعتها وقسوتها، والوثائقي يحمل هذا النفس الذي يحرك مشاعر متلقيه ويزجه في قلب المأساة وصورها المخيفة. يعكس الوثائقي الروح التضامنية للناس العاديين مع المشردين وينقل رسالة ضمنية إلى العالم من أجل عدم نسيان مجموعة عراقية مسالمة تعرضت لفعل إبادة من وحوش كاسرة لا تعرف قلوبها الرحمة.