افتتح في طهران أمس اجتماع «الحوار الوطني السوري» بمشاركة 70 شخصية سورية يمثلون 35 حزباً سياسياً جاؤوا من الداخل السوري من أجل بحث آلية إنهاء الأزمة السورية. ولم تشارك قوى وطنية فعالة في الحوار، إذ اعتذرت «هيئة التنسيق» الوطنية عن المشاركة في اللحظات الأخيرة، اعتراضاً على عنوان الاجتماع الذي حمل اسم الحوار لأنها كانت تشترط أن يكون الاجتماع «تشاورياً» وليس «حواراً» مع الحكومة في المرحلة الحالية. ورأى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي الذي افتتح الاجتماع أن المعارضة المشاركة في اجتماع الحوار الوطني السوري جاءت من صميم سورية، واصفاً المعارضة بالخارج بأنها «غير شعبية». واعتبر أن الاجتماع يعتبر هاماً بسبب مشاركة «الأقليات المذهبية والسياسية والمفكرين والنخبة ومختلف التيارات السياسية السورية». وقال صالحي إن لدى إيران اقتراحات ديموقراطية في ما يتعلق بسورية، وان الشعب السوري بإمكانه أن يحدد مصيره من خلال إجراء الانتخابات، كما أن على النظام السوري أن يلبي المطالب الشعبية. واعتبر صالحي أن حق انتخاب رئيس الجمهورية وحرية الصحافة والأحزاب هي من أهم مطالب السوري، موضحاً أن «النظام السوري أعلن استعداده لتلبية مطالب الشعب، ومن شأن إقامة مؤتمرات كمؤتمر الحوار الوطني في طهران تسهيل الحوار بين النظام السوري والمعارضين». وشدد على أن الخروج من الأزمة السوري يتطلب حلاً سورياً – سورياً وعبر الطرق السلمية، لا التوجيهات من الخارج لأن «أغلب المعارضة المقيمة في الخارج غابت عن سورية لعشرات السنين، وليس لديها إدراكاً صحيحاً عن معاناة الشعب، في حين أن الذين يشاركون في مؤتمر الحوار الوطني بطهران جاؤوا من صميم سورية». وزاد أن غالبية المشاركين في مؤتمر طهران هم من المعارضين للنظام السوري، مؤكداً أن إقامة مؤتمر للمعارضة والنظام السوري هي مبادرة جديدة تتابعها إيران، في حين أن مؤتمرات عدة أقيمت بشأن سورية لم تصل إلى النتيجة المطلوبة. واكد صالحي أن المعارضة السورية المقيمة في الخارج لم تتمكن من تحقيق أهداف الشعب السوري لأنها «تتابع أهداف أنانية». ورأى أن خيار العنف لن يحل الأزمة في سورية التي يتم تصديرها من الخارج وإنما سيعود بالضرر على دول المنطقة، مشدداً على أنه يجب أن تكون المصالح العليا السورية هي الأساس من أجل وقف العنف. وقال صالحي إن إيران عرضت مبادرة للحوار الوطني السوري لكونه الطريق الوحيد للخروج من الأزمة، مؤكداً على إيجاد تفاهم بين المكونات السورية المختلفة. كما رأى أن بعض الأطراف الخارجية تسعى إلى تهميش الحلول السلمية في سورية ودعم العنف «وان الخطوات غير العقلانية بتسليح المجموعات العمياء لا تؤدي إلا إلى تصعيد الأزمة هناك»، مشيراً إلى أن بعض الدول «تريد الاصطياد في الماء العكر» عبر تصعيد الأزمة في سورية وأن «التدخل في الشأن السوري يؤسس لموقف خطير في العلاقات الدولية وتفجير العنف في المنطقة». كما قال إن بلاده تدعم جهود المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، مشيراً إلى ضرورة دعم جهده ومشروع كوفي أنان ومقترحات الحكومة السورية لحل الأزمة. وأوضح أن إيران قدمت مبادرتها لحل الأزمة إلى الإبراهيمي وتركيا ومصر، مؤكداً أنها لن تألو جهداً من أجل حقن الدماء وعودة السلام إلى سورية « البلد المهم في منطقة الشرق الأوسط والذي يعد نموذجاً ناجحاً للتعايش السلمي». وانتقد نائب مجلس الشعب السوري المستقل محمد زهير غنوم اجتماع طهران «لأنهم جاؤوا بنا إلى هنا لنسمع الخطابات»، معرباً عن اعتقاده أن المؤتمر ليس له فاعلية على الأرض وهو لا يعدو أن يكون إلا عرض خطابات. كما رأى أن الأميركيين والروس اتفقا على إنهاء الأزمة من خلال إجراء انتخابات للمرحلة الانتقالية. وفي تصريحات إلى «الحياة» رأى الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست أن اجتماع طهران ليس مقصوداً منه أن يكون في مواجهة أي جهود أخرى تبذل إقليمياً أو دولياً للحل، داعياً جميع الدول مساعدة الشعب السوري للتوصل إلى آلية لإنهاء العنف وإجراء الإصلاحات السياسية . وحول اعتراف فرنسا بالائتلاف الوطني السوري، شكك مهمان برست بهذه الخطوة «التي تريد التدخل في الشأن السوري وتعريض امن واستقرار سورية للخطر» ، معتبرا ان من يدعم «العدوان الاسرائيلي لا يمكن له ان يخدم الشعب السوري». وتابع: «نحن نشكك بنوايا هذه الدول التي تدعي دعمها لرغبات الشعب السوري واذا كانوا صادقين يجب عليهم تهيئة الظروف من اجل جلوس كافة الاطراف علي طاولة واحدة دون تدخل من احد لاتخاذ القرار المناسب وليس من حق احد اتخاذ القرارات بالنيابة». وافاد نائب وزير الخارجية الايراني حسين عبد اللهيان ل « الحياة » ان الاجتماع ياتي في اطار المبادرة التي طرحتها ايران والتي تستند علي وقف العنف واجراء حوار وطني بين ممثلي الشعب والحكومة، موضحا «ما يميز الاجتماع دعوة شخصيات حزبية مختلفة مستقلة ومعارضة ولهم امتداد داخل الشعب السوري».