تأخذ الفنانة اللبنانية كنده حسن في عملها «عن النغمة التي استطالت»، المُشاهد، في رحلة شاعرية، تعود به إلى أيام صندوق الفرجة، لكن في قالب تصويري معاصر ومبتكر. في علبة طويلة ضخمة، تتوسّط قاعة «مركز بيروت للفن»، تضع حسن صوراً فوتوغرافية التقطتها من نافدة القطار خلال رحلاتها من مدينة إلى أخرى، وأعادت توليفها. وعلى المُشاهد أن يصعد على درجة صغيرة ويضع عينه في ذات المنظار الصغير، ويُحرّك المبرم (المانيفيل)، كي تتالى الصور الأشبه باللوحات التجريدية المصحوبة بإيقاعات موسيقية، فتشكّل فيلماً. وعن عملها، تقول كنده حسن (28 سنة) التي تشارك في معرض «عتبات 2012» الجماعي في «مركز بيروت للفن»، إنها «صور فوتوغرافية تعني لي الكثير، ولا تندرج ضمن المناظر الطبيعية كما قد يتراءى للبعض، بل هي صور وجدانية». وتضيف: «في هذه الصور خصوصية لها علاقة في مكان ما بالسيطرة على الأشياء، وكم من الأشياء تسيطر علينا أحياناً وكذلك القضاء والقدر ودورة الحياة ورتابة الأيام. نعيش في إطار دائري، لكن على الخط نفسه. ثمة بداية ونهاية وقد يصادفك ما ينقضّ عليك». وتعتبر حسن أن هذه الصور «هي كالقصيدة، وليست صوراً تطبع وتلصق على الجدران، بل تشكّل فيلماً. وفي الوقت نفسه ليس فيلماً تقليدياً له بداية ونهاية وحبكة، وليس شريط موسيقى تصويرية». وارتأت حسن التي درست العلوم السمعية البصرية وتدير مؤسسة «إيقاع» للموسيقى البديلة، أن تكون آلة عرض فيلمها غير تقليدية، تماماً كفيلمها. وتشرح: «هي كصندوق الفرجة، ولا يستطيع أكثر من شخص أن يشاهد الفيلم، إذ يدور الفيلم بواسطة مقبض على المشاهد أن يشغله». ويبلغ طول شريط الصور نحو 25 متراً. واستخدمت حسن 390 صورة إطارها ثابت، تتوالى الواحدة تلو الأخرى بسرعة أو على مهل، بحسب إيقاع مُحرّك المقبض. لكن لا يتغير الإطار بل داخله، وفي بعض الأحيان يظهر انعكاس خيال المصوّرة. مما يجعل فيها حركة قد يشعر الناظر إليها بأنه في القطار. وتقول حسن: «فكرت أنني إذا عرضت الفيلم على شاشة كبيرة أمام جمهور كبير في صالة، لن يشعر المشاهد بما شعرت به». وتضيف: «يجلس المشاهد وحده لمتابعة الفيلم، ما يخلق علاقة خاصة مع الصور، وعليه أن يشغّل آلة العرض بواسطة المقبض لتمرير الصور بحسب إيقاعه هو. وهذا مهم بالنسبة إلي، إذ سررت بفكرة أن كل مشاهد يتوقف عند صورة معينة أو يمررها بسرعة. إنها لعبة فرضتُ عليها إيقاعي عبر الصور في حين أن لكل مشاهد إيقاعه». تجدر الإشارة إلى أن كنده حسن هي مديرة مؤسسة «إيقاع» الموسيقية التي تعمل على ترويج الموسيقى العربية «الجديدة والجيدة».