بدأ تطبيق قرار وزارة التجارة والصناعة السعودية الذي يُلزم المنشآت التجارية باستخدام اللغة العربية في كل تعاملاتها مع المستهلك منذ مطلع العام الهجري الجديد الخميس. ورصدت «الحياة» في جولة لها في الرياض على مراكز ومحال تجارية ومعارض، أن مؤسسات كثيرة ما زالت تعتمد اللغة الإنكليزية في إصدار الفواتير والمستندات وغيرها من الأمور الورقية. وكشفت الجولة التزام مراكز ومحال تجارية كثيرة في الرياض بإصدار فواتيرها باللغة العربية، قبل صدور قرار وزارة التجارة، الذي يتضمن فرض غرامة مالية تصل إلى 100 ألف ريال سعودي (27 ألف دولار) بحق المخالفين، في حين تقوم بعض المراكز بإصدار فواتيرها للمستهلكين متضمّنة أصنافاً باللغة العربية وأخرى باللغة الإنكليزية. ويُلزم قرار وزارة التجارة المنشآت التجارية باستخدام اللغة العربية في كل تعاملاتها مع المستهلك، وتشمل الفواتير وبطاقات الأسعار والإعلانات والعقود وعروض الأسعار والمطبوعات. وحاولت «الحياة» الاتصال بعدد من المسؤولين في وزارة التجارة لمعرفة ما إذا كانت بدأت حملات لمراقبة تنفيذ القرار، وإذا كان رُصد مخالفون، غير أنها لم تتلقَّ إجابة على الاتصالات. وأوضح رجل أعمال (رفض ذكر اسمه) يملك محال تجارية (سوبرماركت)، ان شركته استطاعت تعريب الفواتير الصادرة للمستهلكين في المرحلة الأولى. وأضاف: «واجهنا معضلات في تنفيذ القرار، إذ لم نعطَ فترة زمنية كافية لتنفيذه، وهناك شركات أخرى صغيرة لا تملك قدرات تقنية متطوّرة لتنفيذ هذا القرار في وقت قصير». واعتبر الخبير الاقتصادي فضل البوعينين، أن هناك تهاوناً كبيراً في اعتماد اللغة العربية -اللغة الرسمية في البلاد- لغةَ تخاطب أساسية في كل التعاملات التجارية، وأن قرار وزارة التجارة هو «تفعيل لنظام قائم». وتابع أن «المشكلة عندنا في المملكة تكمن في عملية التطبيق»، وأوضح أن استخدام اللغة العربية في الفواتير سيساعد المشترين على حفظ حقوقهم ومعرفة كل الأمور المرتبطة بعمليات الشراء التي يقومون بها في شكل يومي، وأنه تمكن إضافة اللغة الإنكليزية على الفاتورة لمن لا يستطيع قراءة اللغة العربية. وقال ل «الحياة»: «اللغة العربية هي اللغة الرسمية في المملكة، ولا بد أن تجري المعاملات باللغة الرسمية، ومن باب أولى أن تصدر جميع الفواتير والمستندات باللغة العربية من كل المؤسسات والشركات والمحال التجارية في داخل المملكة، وهذا يعتبر جزءاً من النظام المعمول به». ورأى أن من المهم اعتماد اللغة العربية في التخاطب والعمل في كل النشاطات التجارية، «فمن المعيب أن يُرَدّ على موظف السنترال في الفنادق الموجودة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة باللغة الإنكليزية». وأشار المحلل الاقتصادي عبدالرحمن الصنيع، إلى أن كل الفواتير والمستندات التي تصدر يجب أن تتضمن ليس فقط اللغة العربية، بل كذلك اللغة الإنكليزية، لأنها اللغة المعتمدة في التجارة عالمياً. وقال ل «الحياة» «إن صدور هذا القرار في الوقت الحالي يهدف إلى الحفاظ على هوية الدولة واللغة العربية، ولكن لا يمكن إغفال وجود اللغة الإنكليزية في التعاملات التجارية، إذ تعد اللغة العالمية الأولى بين الدول في أنحاء الكرة الأرضية، وليس هناك أي مصلحة اقتصادية في هذا القرار بقدر ما أنه يحافظ على الهوية الوطنية». أما رئيس المبادرة العربية للحوكمة والإدارة، الزميل في جامعة «هارفارد» الأميركية خالد اليحيى، فأوضح ل «الحياة» أن لقرار الوزارة أبعاداً اقتصادية وتجارية وثقافية واجتماعية وسياسية، مشيراً إلى أن منافع هذا القرار في المدى القريب والمتوسط هو التعريف بالوظائف وتوطينها، إذ سيكون له تأثير في رجال الأعمال والمؤسسات التجارية، لأن لدى هؤلاء عدداً كبيراً من الموظفين الأجانب غير الناطقين باللغة العربية، ويمكن استبدالهم بموظفين سعوديين. وأكد أن أحد أهداف القرار توطين الوظائف والمعرفة، إذ إن معظم المصطلحات التجارية هي باللغة الإنكليزية.