يقف مسؤول إحدى المجموعات السلفية، إمام مسجد بلال بن رباح في عبرا بصيدا، الشيخ أحمد الأسير حائراً أمام الخيارات التي هدد باتخاذها بعد سقوط قتيلين من أنصاره في اشتباك مع عناصر من «حزب الله» في حي التعمير، واضطر لهذا السبب إلى تأجيل الإعلان عنها كما كان مقرراً أمس إلى اليوم ريثما يكون انتهى من المشاورات التي بدأها مع أعضاء مجلس الشورى التابع له للوقوف على رأيهم من المقترحات المطروحة للرد على «حزب الله». وعلمت «الحياة» من مصادر صيداوية أن الشيخ الأسير قرر العدول عن إنشاء جناح عسكري في مواجهة تمدد «حزب الله» في صيدا، وهذا ما أبلغه إلى عدد من المسؤولين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة من خلال تواصله معهم، إضافة إلى موقف مماثل أحيطت به الحكومة عبر رجل أعمال صيداوي يتولى منذ فترة الوساطة بين الأسير ومراجع حكومية، من بينها وزير الداخلية والبلديات مروان شربل. وأكدت المصادر نفسها أن الوزير شربل يأخذ على الشيخ الأسير عدم التزامه بالوعد الذي قطعه على نفسه من أنه لن يبادر للقيام بأي تحرك يمكن أن يؤدي إلى احتكاك مع «حزب الله» الذي أبدى تجاوباً وسارع إلى إزالة الشعارات واللافتات التي كان رفعها في عدد من أحياء صيدا لمناسبة بدء الاحتفالات بذكرى عاشوراء وأبقى على بعضها في حي التعمير بذريعة أن لديه وجوداً فيه. ولفتت المصادر إلى أن الأسير لم يلق أي تجاوب من قبل الشارع الصيداوي في مواجهته «حزب الله»، رغم أن الشعارات التي رفعها حول السلاح تلقى تأييداً في الشارع، وقالت إن الأسير لم يميز بين التأييد السلمي للشعارات التي طرحها وبين رفض المزاج الشعبي إقحام صيدا في اشتباكات ترتد سلباً على الاستقرار العام. وقالت إن عدم وجود تأييد في الشارع الصيداوي للجوء الأسير إلى مواجهة عسكرية مع «حزب الله»، لا يعني أن هذا الشارع يقف إلى جانب الأخير بمقدار ما أنه يضغط لمنع الاستقواء بالسلاح في الصراع الداخلي، إضافة إلى عدم ارتياحه للدور الذي تلعبه بعض الأحزاب والتنظيمات المسلحة التي هي على تحالف وثيق مع الحزب ولا تجرؤ على مصارحته بوجوب إعادة النظر في انفلاشه في داخل المدينة، الذي أخذ يولّد حساسية ليس من مصلحة أحد تحويلها إلى أزمة مستعصية من دون حل. وأكدت المصادر نفسها أن انحياز بعض التنظيمات والأحزاب الصيداوية إلى «حزب الله» لا يعني أبداً أن الأخير في مأمن من مطالبته باتخاذ الخطوات الرادعة الرامية إلى وأد الفتنة وخفض منسوب التوتر الطائفي والمذهبي. ولم تستبعد أن يكون لتراجع الأسير عن تهديده بتشكيل جناح عسكري علاقة بالرسالة التي نقلها إليه أكثر من وسيط تربطه علاقة بمسؤولين رسميين، وفيها أن حماية السلم الأهلي خط أحمر، وأن من يحاول تقويضه عليه أن يتحسب لرد الفعل الشعبي والرسمي الذي سيدفع باتجاه رفع الغطاء السياسي عمّن يتورط في الإخلال بالأمن. كما لم تستبعد المصادر أن يكون الأسير قد تبلغ الرسالة مباشرة من الوزير شربل، رغم أنه نفى في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أن يكون التقاه في زيارته صيدا التي اقتصرت كما قال على ترؤسه اجتماع مجلس الأمن المركزي وتقديمه التعازي لذوي الضحيتين اللذين سقطا في الاشتباك مع «حزب الله»، وهما علي سمهون ولبنان العزي. لكن المصادر عينها كشفت أن مجلس الدفاع الأعلى توقف أمام بعض الأسماء التي أحيط علماً بها وكانت طرفاً في اشتباك حي التعمير، ومنها من ينتمي إلى «حزب الله»، وضرورة إصدار مذكرات توقيف في حقها أو الطلب إليها المثول أمام القضاء اللبناني للتحقيق معها حول ما يتردد من أنها شاركت في الاشتباك. لذلك، فإن خطوط التواصل لم تنقطع بين الأسير ومسؤولين كبار في الدولة، وهي ما زالت مفتوحة ويتوقع منها أن تساهم في تحقيق الانفراج، وخصوصاً أن وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في صيدا لن تتساهل مع من يحاول الإخلال بالأمن. وعليه، فإن الأسير ما زال يتأمل استعداداً، لبلورة الموقف الذي سيعلنه اليوم، وهو انتقل أمس إلى طرابلس لتقبل التعازي في حضور الشيخ عمر بكري فستق بالضحيتين سمهون والعزّي. ويعقد الأسير ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً في المدينة.