عاشت صيدا (جنوب لبنان) امس، على وقع الإشاعات، وزاد انتشار الجيش بكثافة في أحياء قد تتحول الى مناطق احتكاك، من هواجس المدينة، فتراجعت الحركة في شوارعها وأسواقها بشكل واضح. وترأس رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا جلسة للمجلس الاعلى للدفاع وجرى البحث في الوضع الامني. وتركت الاشتباكات الدامية التي وقعت الاحد الماضي بين انصار الشيخ احمد الاسير وبين عناصر من «حزب الله»، مفاعيلها على حياة المدينة، وأضيف اليها ليل اول من امس إلقاء قنبلة صوتية في حي التعمير - الشارع التحتاني، وبالقرب من منزل مختار احد أحياء صيدا ويدعى محمود ديب السيد، وأدى انفجارها إلى أضرار مادية. وطوقت قوة من الجيش المكان وباشرت عناصر من قوى الأمن الداخلي تحقيقاتها. ومن الإشاعات التي تناقلها الصيداويون متوجسين، الكلام عن ان الشيخ الاسير سيعاود النزول الى الشارع لإغلاقه وأنه سيعلن عن تشكيل جناح عسكري، وأنه اخلى مسجد بلال بن رباح ولا احد يعرف الى اين اتجه، وإشاعة ثالثة عن حواجز وعناصر مستنفرة. وانتشر الجيش في ساحة الشهداء ومحيط مسجد الاسير في عبرا، ومكسر العبد ومستديرة القناية التي تتقاطع مع مدخل حارة صيدا. وأعلن عصراً أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، أصدر بلاغ بحث وتحرٍّ في حق نجل الشيخ أحمد الأسير (قاصر) في موضوع الاستيلاء على أسلحة من عناصر قوى الأمن. كما سطر القاضي صقر استنابات قضائية إلى الأجهزة الأمنية من أجل معرفة المشتركين معه في الحادث. وانتقل وزير الداخلية مروان شربل الى صيدا وعقد عدداً من الاجتماعات الامنية، وزار اهالي الضحايا الذين سقطوا في الاشتباكات (لبنان العزي وعلي سمهون وعلي الشربيني) معزياً. وكانت نائب صيدا بهية الحريري عرضت المستجدات مع سفيرة النمسا لدى لبنان اورسولا فاهرينغر التي اكدت «دعم بلادها لاستقرار لبنان»، معربة عن املها في ان «يتمكن اللبنانيون من التوصل الى نقاط مشتركة تساهم في حماية السلم وتعزيزه اللبناني». وكان الوضع في صيدا على طاولة جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت صباحاً في السراي الكبيرة برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وامتدت نحو ست ساعات، وشدد المجلس على «دور الجيش والقوى الامنية في بسط سلطة الدولة واتخاذ التدابير كافة لمنع المظاهر المسلحة وقطع الطرق». وأكد ميقاتي أنّ «لا تساهل في ضبط الوضع الأمني، ومنع أي كان من خوض المشاحنات التي نحن بغنًى عنها»، مشيراً إلى أنّه دعا «الجميع إلى التهدئة ووقف الشحن ورمي الإتّهامات على الحكومة، في وقتٍ يعلم الجميع حجم الجهود التي تبذلها هذه الأخيرة على الصعد كافّة». ورأى أنّ «ما حصل في صيدا ينبغي أن يشكّل عبرة للجميع للتنبه إلى دقة الظرف، وخطورة الرجوع إلى الشارع والمظاهر المسلحة»، عارضاً «بعض المواقف المعارضة للحوار، والمضي بسياسة التعطيل، وتحميل الحكومة زوراً مسؤوليّة ما يحصل في البلاد». وكان وزير الداخلية مروان شربل طرح خلال الجلسة موضوع جعل صيدا منطقة عسكرية. ورفض كل من الوزيرين ناظم الخوري ومروان خير الدين الطرح في تصاريح سبقت دخولهما الجلسة، وسأل الخوري: «هل علينا أن نعلن حال طوارئ في لبنان كلما حصل امر ما؟».