أعاد مئة رسام عراقيّ تشكيلَ نهر دجلة بالألوان، وشارع أبي نواس وسط بغداد كان المكانَ الذي جمعهم تحت لافتة مهرجان للرسم الحر في «سمبوزيوم العراق». وهذه هي المرة الأولى التي يجتمع فيها فنانون من بغداد والمحافظات لينتجوا لوحات في ورشة غير مألوفة عراقيّاً. ومن المنتظر أن تعرض وزارة الثقافة اللوحات في متحف فنيّ مُخصص لمشروع «بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013». وكانت الوزارة افتتحت، في تموز (يوليو) الماضي، معرضاً تشكيلياً ضم أكثر من 70 عملاً فنيّاً لعدد من الرسامين العراقيين والعرب. وتحول المرسم الجماعي الحر إلى جلسة حوار حول إنهاء القطيعة بين المؤسسة الثقافية الرسمية وبين الفنانين التشكيلييّن في البلاد. ويقول جمال العتابي، مدير الفنون التشكيليّة في الوزارة، إن «سمبوزيوم العراق أتاح للوزارة إطلاق حوار مع الفنانين العراقيين، والبحث الجدي في وجهات نظرهم المختلفة»، مضيفاً أن «المهرجان نجح، على الأقل، في مدّ جسور التواصل بين الفنانين العراقيين، من دون إغفال ثغرات رافقت التنظيم». وتحدث رسامون شباب ل «الحياة» عن المهرجان، كبداية مشجعة لإحداث تغيير في طبيعة النشاط الثقافي الذي تضطلع به الوزارة، ذلك أن التشكيليين العراقيين يعتبون على وزارة الثقافة التي يعتبرون أنها تهمل أعمالهم الفنيّة، إلى جانب ضعف الدعم المطلوب لبناء قاعات عرض حديثة للفنون في بغداد والمحافظات. وأشاع مشهد الرسامين، الموزعين بين المناطق الخضراء المحاذية لنهر دجلة في «أبي نواس»، شعوراً عاماً بالاطمئنان والراحة لدى كل من مرّ بهم، نظراً إلى ندرة نشاطات كهذه في بغداد، في حين توقف العابرون في الحديقة الكبيرة التي نظم فيها المهرجان ليشاهدوا ما يحدث. ووصف وكيل وزارة الثقافة فوزي الأتروشي المهرجان بأنه «بداية جديدة على طريق إعادة الحياة إلى الفنون العراقية»، معتبراً أنه سيكون «فرصة لصنع فنانين وفنانات من مناطق مختلفة من البلاد». ويذكّر الحديث عن «سمبوزيوم العراق» بالجدل الساخن حول قدرة بغداد على إنجاح مشروع «عاصمة الثقافة العربية»، إذ يثير مثقفون عراقيون أسئلة كبيرة في شأنه، خصوصاً مع تصاعد مظاهر قمع الحريات في البلاد. لكن المؤسسة الرسمية تؤكد أنها «تنتظر انطلاق المشروع بفارغ الصبر لتُظهِر وجه العراق الثقافي الجديد».