طغت الأزمة الاقتصادية على اجتماعات «قمة مجالس الأجندة العالمية» التي انطلقت في دبي أمس بحضور ألف مسؤول وأكاديمي وخبير اقتصادي ومالي، في ظل بروز دول الخليج العربي وإفريقيا وشرق آسيا كمحرك رئيس للاقتصاد العالمي، في وقت ما زالت أوروبا والولايات المتحدة تعاني تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية التي بدأت عام 2008. وركزت القمة في اليوم الأول على القضايا المطروحة على الساحة الدولية مثل النظام المالي، والاقتصاد، والتغيرات الجيوسياسية، والبيئة وقضايا المجتمع والتكنولوجيا، إذ تعد اجتماعات المجالس منطلقاً لتحديد مجالات النقاش التي ستشكل أجندة «دافوس» خلال الاجتماع السنوي المقبل لمنتدى الاقتصاد العالمي 2013.أما المسألة الإقليمية، التي تُعتبر الأكثر إلحاحاً بحسب المسؤولين الذين حضروا فعاليات اليوم الأول، فتتمثل في استمرار ظهور تداعيات الربيع العربي والحقائق الناتجة منه. واعتبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي انور قرقاش أن «من المبكر إجراء تقويم كامل لتداعيات الثورات العربية ونتائجها، إذ أن نظماً جديدة للحكم ما زالت في طور التأسيس»، مؤكداً أن «القضية العالمية التي تتصدر اهتمامات الدول الآن هي حال الاقتصاد العالمي، إذ إن علامات الانتعاش جلية في كل المناطق إلا أن الثقة الكاملة بالاقتصاد العالمي لم تُستعد بعد. ففي وقت تعاني أوروبا والولايات المتحدة من الأزمة الاقتصادية، برزت دول الخليج وأفريقيا وشرق آسيا كمحرك رئيس للاقتصاد». وأشار إلى أن «هذه المناطق لا تخلو من مخاوف اقتصادية، إذ تعد التحديات الاقتصادية، مثل النقص في الموارد الطبيعية وبطالة الشباب، من البنود المهمة على جدول الأعمال الاقتصادي الخاص بالاقتصادات الناشئة». وتكمن قوة قمة الأجندة العالمية، التي حضرها نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في أنها منصة لالتقاء 88 مجلساً متخصصاً خلال فترة انعقادها التي تستمر ثلاثة أيام، لطرح الأفكار والحلول المتعلقة بمواضيع الأجندة العالمية، مثل الفقر والتغير المناخي وقضايا الأمن وبطالة الشباب. وأكد مشاركون في القمة أن أزمة الغذاء وارتفاع أسعار الوقود وتداعيات الأزمة المالية العالمية، أدت أحياناً خلال السنوات الأربع الماضية إلى آثار سلبية حادة على الفئات الضعيفة في المجتمع وإبطاء وتيرة الحد من الفقر، مشيرين إلى أن خط الفقر البالغ 1.25 دولار للفرد في اليوم، انخفض إلى أقل من النصف مقارنة بعام 1990 لجهة القيمة. وتساهم المجالس التي تنعقد على هامش القمة في إبراز الكثير من الأوضاع والتحديات الاقتصادية الراهنة والمطروحة على الأجندة العالمية، والتي تراوح بين قطاعات محدودة مثل الصرافة وأسواق رأس المال، إلى المسائل التي تدرج في إطار الاقتصاد الكلي مثل القدرة التنافسية والبطالة المنتشرة بين الشباب، كما ستتطرق المحادثات إلى آفاق الفرص المستقبلية وسُبل مساهمة السياسات الاقتصادية المتبعة في خلفها. المنصوري وحرصت دبي خلال اليوم الأول من القمة على طرح تجربتها الاقتصادية التي ساعدتها على تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية بسرعة، إذ أكد وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري أن الإمارات حققت خلال أربعة عقود نهضة بشرية متميزة امتداداً لنهضتها الاقتصادية والعمرانية، لتصبح نموذجاً في بناء الإنسان وتزويده بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا وتمكينه من المشاركة الاقتصادية الفاعلة في بناء مجتمع يسعى الى التطور والبناء. ورأى المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي سامي القمزي أن «الرؤية الحكيمة التي تستند عليها الإمارة ساهمت في مواجهة التحديات بمرونة، وتطبيق أفضل الممارسات على رغم متغيرات المناخ الاقتصادي الدولي، إضافة إلى المشاركة القوية في المحافل على مستوى المنطقة والعالم»، مؤكداً أن «على رغم الأوضاع الاقتصادية العالمية ما زالت دبي تحتفظ بحيويتها وموقعها الاستراتيجي باعتبارها واحدة من أفضل الأماكن للعيش ومزاولة الأعمال التجارية، إذ قفزت الإمارات سبعة مراكز إلى المرتبة 26 عالمياً ضمن 183 دولة في تقرير ممارسة الأعمال للعام 2013 الصادر عن البنك الدولي، كما تقدمت 24 مركزاً في مؤشر بدء الأعمال لتصل إلى المرتبة 22 صعوداً من المرتبة 46 العام الماضي، محتلة بذلك المركز الأول على مستوى العالم العربي». واعتمد البنك الدولي إجراءات التسجيل والترخيص التجاري في دبي معياراً لمؤشر بدء الأعمال في الإمارات، إذ طُبق أفضل الممارسات لتحسين هذه الإجراءات التي تشكل عاملاً أساساً في تأسيس الأعمال. وشكلت المحركات الرئيسة في دبي، المتمثلة في التجارة والسياحة والخدمات اللوجستية وجذب الاستثمارات والصادرات وإعادة الصادرات، الحجر الأساس في تصدر الإمارة مركزاً عالمياً متميزاً. وأوضح القمزي أن التقديرات تشير إلى أن «اقتصاد دبي سينمو بمعدل يفوق الأربعة في المئة هذه السنة، في حين ارتفعت قيمة الصادرات بمعدل الضعف عام 2011 وخلال الأشهر الستة الأولى من السنة».