يسري الماراثون في عروق بيروت كل عام. تقليد رسخ منذ عشر سنوات وتجذّر سريعاً، متغلباً على أزمات متتالية يعيشها لبنان. فسحة تُخرج هذه البلد الصغير لساعات معدودة من حال القلق والقنوط، وتبث في كثر أوكسجيناً مجدداً للحيوية يحضّ على التفلت من وطأة الضغوط. وكأنه كُتب لهذه المناسبة أن تقارع سنوياً أوضاعاً أمنية وسياسية تبدو للوهلة الأولى أنها ستحجّم هذا الموعد وتجعله هامشياً وباهتاً، لكنه وبإرادة منظميه جمعية «بيروت ماراثون» والداعمين والرعاة والمؤمنين به، «رسالة جامعة» لأطياف المجتمع، يتجاوز المطبات ويبلغ خط النهاية متألقاً سليماً ومعافى. وبالتالي لم يعد حدثاً عابراً، بل بات مكوناً أساسياً من مكونات لبنان الرياضية والسياحية والترفيهية والخيرية. يحمل سباق «بلوم بيروت ماراثون» هذا العام، وموعده اليوم، شعار «اكسر الشرّ... واركضها كلها»، في محاولة لتبديد الأجواء الضاغطة، ومن منطلق أن الرياضة توحّد وتجمع وتعمل على الانصهار الوطني. وإذ يتخطى الماراثون جانبه الرياضي الصرف، مسجلاً احتفالاً بالحياة ومناسبة للمساعدات الاجتماعية ولدعم قضايا إنسانية عدة، يبدو هذا التوجه مثالياً من خلال ما تحشده المناسبة من جهود وطاقات وعاملين ومتطوعين يتخطى عددهم هذا العام الخمسة آلاف شخص، سيكونون في خدمة 33370 عدّاءة وعدّاء (رقم قياسي) من 96 بلداً مسجلاً في مختلف فئات السباق. علماً أن الجمعية تلقت نحو ثلاثة آلاف طلب إضافي اعتذرت عن عدم قبولها لأسباب فنية ولوجستية. وماراثون بيروت الذي يعتبر من الأسرع نمواً وتطوراً في العالم، وبات يحمل التصنيف البرونزي من الاتحاد الدولي لألعاب القوى، يتميّز هذا العام بشراكة كبيرة مع 17 جامعة في لبنان، ما زاد عدد المتطوعين لهذا الاستحقاق المهمّ. وسيلتقط حوالى 85 مصوراً من طلابها وقائع السباق في مختلف مراحله، على أن تقوّم لجنة تحكيم محلية وخارجية هذه الصور، وتختار أفضلها لاستعمالها في السباق ال11 المقرر في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013. وحمل برنامج التعاون مع الجامعات شعار «صناع التغيير»، كونه لم يطلق لأهداف رياضية فقط، وباعتبار أن طلاب الجامعات هم في المفهوم العام الأرض الخصبة لمستقبل واعد، وفي إمكانهم ضم مقولة «العقل السليم في الجسم السليم» إلى تطلعات تتيح صناعة التغيير في الحياة العامة على مختلف الأصعدة، فإلى جانب قدراتهم العلمية يمكنهم إدخال مفهوم جديد عبر «ثقافة الركض» التي لا تقتصر على الجري فقط، بل تتعداها إلى حتمية العمل الجماعي لبناء مجتمع منفتح ومتعاون. وستشمل هذه الشراكة مستقبلاً المدارس والأندية. كما أن هناك شراكة مع الجمعيات الخيرية التي وصل عددها الى 85 جمعية، وقد أثمرت العام الماضي جمع مبالغ نقدية دعماً لتسع جمعيات، وفي مقدمها جمعية «برايف هارت» (القلب الشجاع) التي حصلت على 200 ألف دولار. وتسجل حوالى 22 ألف عدّاء وعدّاءة من خلال الجمعيات المتعاونة هذه السنة. وفي «يوم الفرح» المنتظر سيشهد السباق أيضاً لفتة إنسانية تتمثل في مشاركة سبعة عدّائِين لبنانيين وعدّاءين بريطانيين في سباق ال42.195 كيلومتر، ستواكبهم كاميرا قناة «إل بي سي» مع وضع رقم للتبرّع أسفل الشاشة، وسيتمّ تلقي الاتصالات الهاتفية على الهواء مباشرة، دعماً للمتضررين من انفجار الأشرفية الأخير. وهذه الخطوة التي تعرف ب «تيليتون» تعتبر ردة فعل مستنكرة وشاجبة للعمل الإجرامي وثقافة الموت، بحسب رئيسة جمعية «بيروت ماراثون» مي الخليل. نوايا سلام سيخوض سباق البدل سفراء رومانيا دانيال تاناس، وبريطانيا طوم فليتشر، والدنمارك يان توب كريستنسن، وسلوفاكيا ايفان سوركوس، والسويد نيكولاس كبيون، وكوريا الجنوبية نونغ جي كي. وقد خضعوا لبرنامج تدريب تحت إشراف البطل المغامر مكسيم شعيا. واختار مديرو منظمات الأممالمتحدة وممثلوها المشاركة «من أجل لبنان»، خصوصاً أن المناسبة دعوة إلى رفض كل ما هو سلبي ونبذه، والعمل على تحفيز العناصر الإيجابية لدى اللبنانيين. يذكر أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 قراراً يدعو حكومات الدول والأممالمتحدة إلى تمويل برامج لاستخدام الرياضة وتنظيمها بوصفها أداة لتعزيز التنمية والسلام والتربية والصحة. كما أعلنت الجمعية العامة عام 2005 سنة دولية للرياضة والتربية البدنية. وزعت 1500 رسالة على المحال التجارية على طول مسار السباق للاعتذار من أصحابها وإعلامهم أن الطريق ستقفل يوم الأحد. كما طبعت 25 ألف خريطة تعريفية للمسار لإبلاغ المشاركين عن كل ما يتعلق بالسباق لتفادي العراقيل. ووضعت على الطرق التي ستقفل لافتات إرشادية تُعلم المواطنين بذلك. يتوزّع المشاركون ال 33370 كالآتي: - 1060 عدّاء وعدّاءة (سباق الماراثون والبدل لمسافة 42.195 كلم)، وقد تضاعف العدد مقارنة بالنسخة الماضية. - 23530 عدّاء وعدّاءة (سباق 10 كلم لفئتي الأسوياء وذوي الحاجات الخاصة) - 7900 عدّاء وعدّاءة (سباق 5 كلم) - 790 عدّاء وعدّاءة (سباق كيلومتر واحد للأمهات والأولاد) - 150 مشاركاً ومشاركة (سباق كيلومتر واحد للشخصيات الرسمية والمشاهير) - بلغ عدد العدّائين المحترفين 22 عدّاء وعدّاءة يمثلون 7 دول هي: أثيوبيا، كينيا، جنوب أفريقيا، إريتريا، تنزانيا، الولاياتالمتحدة والمغرب. وفي إطار فعاليات السباق، نظّمت اللجنة الطبية في الجمعية بالتعاون مع جامعات ومستشفيات ونقابة المعالجين الفيزيائيين والصليب الأحمر اللبناني والاتحاد اللبناني لألعاب القوى مؤتمراً حول «الصحة والرياضة» في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا (AUST)، تضمن محاضرات عن الإصابات الرياضية في العضلات والمفاصل ومشاكل القلب والشرايين وعمليات الإسعاف الأولية والطوارئ ومعايير فحص المنشطات.