وسط عمليات القصف والمداهمات، خرجت تظاهرات عديدة في مناطق مختلفة من سورية أمس في «جمعة أوان الزحف إلى دمشق»، ردت على التصريحات الأخيرة للرئيس بشار الأسد التي رفض فيها مغادرة سورية، مؤكدة أنه سيسقط حتماً و «سيموت في سورية». ففي كفرنبودة بريف حماة (وسط)، رفع شبان ساروا في مقدمة تظاهرة لافتات كتب عليها «يا بشار... نتمنى أن تصدق هذه المرة». وهتف المتظاهرون «يا شام ثوري ثوري، على القصر الجمهوري»، و «نحنا مع حلب والشام رح منسقط هالنظام». وفي مدينة دوما بريف دمشق، الذي يشهد عمليات عسكرية واسعة، قال ناشطون إن متظاهرين خرجوا «رغم قصف الميغ». وأظهر شريط فيديو مجموعة من الشبان والرجال يصفقون على وقع أغنية يؤديها أحدهم وفيها «جايينك يا شام جايينك يا شام، لندعس عالنظام». في أبطع في درعا (جنوب)، كتب متظاهرون على لافتاتهم «مقاومة الطغاة من طاعة رب السموات»، و «اعمل لثورتك كأن النظام سيسقط غداً، واعمل لوطنك كأنك ستعيش فيه أبداً». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن التظاهرات شملت أحياء القابون وجوبر وبرزة والعسالي في جنوبدمشق وغربها، وهي أحياء توجد فيها جيوب للمقاتلين المعارضين، ومناطق مختلفة في ريف العاصمة. كما سارت التظاهرات في قرى ومدن عديدة في محافظة حماة ودرعا والحسكة (شمال شرق) وحلب (شمال) وإدلب (شمال غرب) ودير الزور (شرق). وعلى صعيد المعارك، قتل أربعة أشخاص أمس في تفجير سيارة مفخخة أمام مبنى بلدية في ريف دمشق، وفق ما أفاد المرصد. وقال المرصد في بريد إلكتروني: «انفجرت سيارة مفخخة أمام مبنى بلدية معضمية الشام، وتشير المعلومات الأولية إلى سقوط أربعة شهداء بينهم سيدة». كما استمرت العمليات العسكرية الواسعة في ريف دمشق، حيث واصل الطيران الحربي السوري قصف المدن والقرى، فيما أوقع قصف مدفعي لبلدة في محافظة دير الزور في شرق البلاد 12 قتيلاً صباح امس، بحسب المرصد السوري. وأفاد المرصد في بيانات متلاحقة عن «اشتباكات عنيفة» بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين في منطقة البساتين الواقعة بين بلدة داريا في ريف دمشق وحي كفرسوسة في غرب العاصمة، مشيراً إلى تعرض المنطقة «لقصف من صواريخ الطائرات الحوامة». وذكر أن «القوات النظامية تنتشر في محيط البساتين تمهيداً لاقتحامها». وكانت هذه المنطقة شهدت اشتباكات عنيفة أول من امس. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية في بيان، أن القصف العنيف بقذائف الهاون والمدفعية يطاول أيضاً نهر عيشة وحي الحجر الأسود في جنوبدمشق. كما نفذت طائرات حربية غارات جوية صباحاً على مناطق عدة في الريف، بينها مدينة دوما وبلدة عربين، وفق المرصد. وفي شريط فيديو نشره ناشطون على موقع «يوتيوب» الإلكتروني ويحمل تاريخ امس، تمكن مشاهدة طائرة حربية تلقي أربعة أجسام بيضاء فوق مدن الغوطة، وفق ما يقول المصور، ثم تحدث انفجارات ضخمة ويتصاعد دخان ابيض كثيف. في محافظة دير الزور، قتل ما لا يقل عن اثني عشر مواطناً في قصف مدفعي على مدينة القورية، وفق المرصد، الذي أشار إلى تعرض مدينة البوكمال في المحافظة نفسها على الحدود مع العراق لقصف من القوات النظامية بالطائرات الحربية. كما أفاد عن اشتباكات في محيط كتيبة المدفعية قرب مدينة الميادين. ونقل شريط الأخبار على التلفزيون الحكومي السوري عن مصدر مسؤول نفيه أنباء «قصف مدينة القورية». إلا أن رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال لرويترز إن القوات الحكومية تواصل قصفها للقورية انطلاقاً من مشارف مدينة الميادين الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات إلى الشمال الغربي من القورية. وقال إن هذا الموقع شهد قتالاً بين القوات الحكومية وقوات المعارضة. وفي فيديو بثته مواقع المعارضة، أمكن سماع أصوات تقول: «المذبحة» و «الله اكبر»، اثناء عرض لقطات بلدة القورية، فيما استعرضت الكاميرا ما بدا أنها جثث يرتدي أصحابها ملابس مدنية. وتم نقل جثتين -تبدو إحداهما لمراهق- في شاحنة بيضاء ما لبثت أن ابتعدت. إلى ذلك، قال قائد ميداني ومصادر معارِضة، إن مقاتلي الجيش السوري الحر استولوا على بلدة على حدود تركيا ليل اول من امس ويواصلون التقدم للسيطرة على مناطق حدودية. وقالت المصادر إن عشرة أشخاص قتلوا في اشتباكات سيطر خلالها مقاتلو المعارضة على راس العين، وهي بلدة عربية-كردية في محافظة الحسكة المنتجة للنفط بشمال شرق سورية على بعد 600 كيلومتر من دمشق. وقال خالد الوليد، وهو قائد ميداني لمقاتلي الجيش السوري الحر مقره في الرقة -وهي محافظة مجاورة للحسكة-: «المعبر مهم، لأنه يفتح خطاً آخر إلى تركيا، حيث يمكننا إرسال الجرحى والحصول على إمدادات». وقال الوليد عبر الهاتف من راس العين إن مقاتلي المعارضة سيطروا على منطقة واسعة بمحاذاة الحدود التركية بعمق 80 كيلومتراً بما في ذلك طريق يصل من مدينة حلب إلى الحسكة. وفي الأشهر الثلاثة الماضية سيطر المقاتلون الذين يغلب عليهم العرب السنة على بضعة مواقع على الحدود التي تمتد بطول 800 كيلومتر وتقدموا بشكل مطرد باتجاه الشمال الشرقي حيث يعيش جزء كبير من الأقلية الكردية في سورية البالغ عددها مليون نسمة. ووجه المجلس الكردي -وهو ائتلاف من أحزاب كردية معارضة للأسد- نداء إلى الجيش السوري الحر لمغادرة عين العرب، قائلاً إن الاشتباكات وكذلك الخوف من التعرض للقصف من الجيش السوري دفعا معظم سكان البلدة البالغ عددهم 50 ألفاً إلى الفرار. وقال المجلس في بيان إنه يؤكد انه جزء من «الثورة لإسقاط هذا النظام الشمولي» لكن محافظة الحسكة يجب أن تبقى منطقة آمنة لآلاف اللاجئين الذين فروا إليها من مناطق أخرى. وطالب البيان بضرورة سحب العناصر العسكرية حتى لا يستخدم وجودها ذريعة لقصف البلدة وتدميرها. وأكد المجلس الحاجة إلى التنسيق بين جماعات المعارضة لتوفير مناطق آمنة. وقال محمد إسماعيل القيادي في الحزب الديموقراطي الكردي إن معظم المقاتلين الذين دخلوا راس العين من الجهاديين وهو ما يمكن أن يثير التوترات في المنطقة التي تسكنها عدة أعراق وغالبية من المسلمين الوسطيين ومسيحيون. وأضاف إسماعيل أن المقاتلين قادرون على تحقيق مكاسب قرب الحدود لأن النظام سيفكر مرتين قبل أن يقصفهم باستخدام الطائرات الحربية في مناطق قريبة للغاية من تركيا على عكس المناطق الداخلية حيث تعوق الضربات الجوية المدمرة للمدن والبلدات تقدم المعارضة المسلحة. وأردف أنه يبدو أن هدف المقاتلين هو السيطرة على المواقع الأمامية التي يمكن أن تساعدهم لوجيستياً وتساعد حكومة بديلة للأسد على العمل من داخل اراضي سورية. وقال إنهم وصلوا حالياً إلى منطقة ذات خليط عرقي وديني وغنية بالنفط وإن إثارة حالة من عدم الاستقرار فيها ليس من مصلحة أي طرف. وشهدت الحسكة احتجاجات سلمية ضد الأسد لكن الأقلية الكردية نأت بنفسها بدرجة كبيرة عن الانتفاضة المسلحة التي حصدت أرواح الآلاف. وقتل في سورية أول من أمس 142 شخصاً في أعمال عنف في مناطق مختلفة من البلاد، بحسب المرصد السوري.