يشهد عدد من صالات السينما الكندية في مونتريال عرضاً لفيلم «خنزير غزة»، وهو من إخراج الفرنسي سيلفيان استيبال وإنتاج بلجيكي/ألماني/فرنسي مشترك. مدة الفيلم 99 دقيقة، ويشترك فيه ممثلون عرب ويهود وأجانب، ونسخته الأصلية ناطقة باللغتين العربية والعبرية، وهو من النوع الدرامي–الكوميدي، وبطله (ساسون غاباي) يهودي من أصول عراقية يدعى «جعفر» في الفيلم. تجري أحداث الفيلم قبيل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، وتتمحور حول شخصية صياد فلسطيني فقير يعيش في القطاع على ما يجنيه من السمك، وتتغير حياته جذرياً بعد أن تصطاد شباكه خنزيراً. هذه الغنيمة المشؤومة سرعان ما توقعه في حرج وحيرة من أمره، فالخنزير دينياً حيوان نجس، وأكله محرم عند الفلسطينيين والإسرائيليين، ما يعني أنه أصبح عبئاً على جعفر لا يستطيع الاحتفاظ أو الجهر به أو الاستفادة منه، فيقرر التخلص منه. وهكذا يدخل جعفر في دوامة من المغامرات تتداخل فيها المشاهد الفكاهية والدرامية والسياسية والدينية والأمنية، فهو يحاول أن يشتري مسدساً للتخلص من خنزيره، لكنه يخشى أن تتلوث يداه بدمه النجس، فينقله إلى بيته ويخفيه في الحمام بعيداً من أنظار زوجته ويقفل عليه الباب ويحتفظ بمفتاحه. إلا أنه سرعان ما يدرك أن هذا التدبير غير آمن، إذ إن الجنود الإسرائيليين يقيمون على سطح منزله ويستخدمونه مركزاً للمراقبة. وفي مشهد يائس، تلمع في رأسه فكرة ربما كانت كافية لخلاصه من حالة الحيرة والقلق، فيقوم على أثرها بزيارة إلى ممثل بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة، بعد أن يعرف مسبقاً أنه مسيحي وديانته لا تحرم أكل الخنزير، ويعرض عليه الخنزير، لكن محاولته الجديدة هذه تبوء أيضاً بالفشل، فيذهب جعفر عندها بخطى متثاقلة إلى صديقه حلاق القرية ويعرض عليه حالته البائسة، فيقترح عليه أن يذهب إلى جماعة من اليهود تربي الخنازير سراً في المستوطنة المجاورة، فيقوم جعفر بتفصيل رداء للخنزير مصنوع من صوف الخروف، ويذهب بخنزيره المتنكر إلى مزرعة مهاجرة من يهود روسيا تدعى لينا كانت بحاجة إلى خنزير ذكر لتلقيح خنزيراتها. وحتى لا تتدنس «أرض إسرائيل»، تطلب لينا إليه أن يأتيها بكمية من سائله المنوي. هنا يحصل جعفر على المال، إلا أن فرحته لا تكتمل. ويزداد الأمر سوءاً حين يلقي أفراد المقاومة في غزة القبض عليه بتهمة التعامل مع العدو ومساعدته في تربية الخنازير التي «يعتمد على حاسة شمها القوية» لكشف مخابئهم، ولكن بدل اعتباره عميلاً إسرائيلياً ومحاكمته على هذا الأساس، تقرر المقاومة أن تستفيد منه وتحوله إلى فدائي، فتقوم بتزنيره بأحزمة ناسفة لتفجيرها في المستوطنة الإسرائيلية. وتجرى له، على عادة الانتحاريين، احتفالية الشهادة على شريط فيديو قبل تنفيذ العملية، لكن جعفر لا ينفذ المهمة، بل ينزع الحزام عائداً إلى قريته، حيث يُستقبل كالأبطال بعد مشاهدتهم الشريط المصور. أما الإسرائيليون، فلم يتأخروا عن معاقبته، باقتلاع شجرات الزيتون من أمام منزله. وأخيراً، يسدل الستار على فرار جعفر وزوجته على متن زورقه في عرض البحر، ولحاق «لينا» الإسرائيلية بهما، ليصل الجميع إلى عالم افتراضي يسوده التعايش والسلام والأمل. مواقف ملتبسة جوبه الفيلم بموجة من الانتقادات ظهرت على صفحات الصحف الكندية وعلى مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، فثمة من رأى أن توظيف الخنزير في عمل سينمائي يُعَدّ سابقة وأمراً مثيراً للجدل، وهؤلاء رأوا أن القول بأن الفيلم يحمل رسالة سلام وتعايش بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي من منطلق تحريمهما أكلَ الخنزير، هو مجرد حكاية «مضحكة وساذجة». كما رأى البعض أن محاكاة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في قالب فكاهي يرسم صورة مشوهة لواقع المقاومة، فكان أن طالبت منظمات فلسطينية بمقاطعة الفيلم. من جهة اخرى، هناك من اعتقد أن الفيلم أضاء على كثير من جوانب الحياة المأسوية والمعيشية لسكان القطاع تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي. أما حبكته القصصية، فتميزت بقالب فكاهي أضحك المتفرجين بمشاهده الطريفة، كإلباس الخنزير جلد خروف أو وضعه في حمام المنزل أو تصرفات جعفر الساذجة.