بين عامي 1993 و2005، تضاعف عدد الإصابات بسرطان الكبد في مصر، ما حفز مجموعة من أطبائها على إنشاء جمعية علمية لمكافحة هذا المرض، هي «الجمعية المصرية لسرطان الكبد»، عبر مواكبة الطفرة العلمية عالمياً في علاجه. وعقدت الجمعية مؤتمرها السنوي الثالث أخيراً، تحت عنوان «سرطان الكبد: الحاضر والمستقبل». واستعرض المشاركون في المؤتمر أحدث التطورات في علاج هذا النوع من السرطان، مع ملاحظة أنه السبّب الرئيسي الثالث للوفاة بالسرطان عالمياً. وركّز المؤتمر على الدراسات العلمية الحديثة عن أسلوب «العلاج الموجّه» الذي نجح في زيادة فرص الشفاء من هذا السرطان. فيروسان وفطر وكحول لفت رئيس المؤتمر الدكتور أشرف عمر إلى الارتفاع المخيف في حالات سرطان الكبد في مصر، موضحاً أن عددها تضاعف بين عامي 1993، حين كانت نسبة الارتفاع 4 في المئة، وعام 2005 حين وصلت النسبة عينها إلى 8.5 في المئة. وأوضح أن سرطان الكبد يصيب ما بين 5 و7 أشخاص بين كل 100 ألف مصري سنوياً. وأشار إلى أن التهاب الكبد الوبائي المتّصل بفيروسي «س» و«ب»، من أهم عوامل الخطورة المتّصلة بسرطان الكبد، إضافة إلى التسمّم الغذائي بفطر «أفلاتوكسين»، وإدمان الكحول. وأشار عمر إلى أن الجمعية تعاملت مع هذه المشكلة عبر 3 محاور، هي: الكشف المبكّر عنه بالتعاون مع وزارة الصحة، والتعليم الطبّي المستمر، ودعم البحث العلمي. وأضاف عمر أن خيارات علاج سرطان الكبد تعتمد على مرحلة المرض، وحال وظائف الكبد، والحال العامة للمريض، وتشمل الجراحة والأشعة والأدوية وغيرها. واعتبر الدكتور حمدي عبد العظيم، وهو رئيس قسم الأورام في جامعة القاهرة، أن التركيز على بروتينات معيّنة تُسمى «راف كاينيز» RAF Kinase، التي توجد في 60 إلى 80 في المئة من سرطانات الكبد، ودورها تحفيز خلايا السرطان على النمو وتكوين أوعية دموية جديدة، يمثل نقطة تحوّل في مسار علاج هذا السرطان. وأوضح أن هذا الأمر ساهم في بلورة مقاربة علاجية أثبتت علو كعبها في علاج سرطان الكبد، حتى في الحالات المتقدّمة منه. وأوضح أن «المكتب الأميركي للغذاء والدواء» ونظيره في الاتحاد الأوروبي، تبنّيا دواء «سورافينيب» Sorafenib، نظراً لفاعليته لعلاج سرطان الكبد. وفي حديثه، عرّج عبد العظيم أيضاً على دراسة «شارب» الأوروبية التي شارك فيها ما يزيد على 600 مريض بسرطان الكبد المتقدم، مبيّناً أن هذا الدواء أثبت فاعليته في31 في المئة من هذه الحالات، إضافة إلى نجاحه في مقاومة تطوّر المرض في 42 في المئة منها. ولفت إلى حصول «الجمعية المصرية لسرطان الكبد» على منحة ألمانية لإجراء بحث يتناول سرطان الكبد المتقدم ومدى تأثير «سورافينيب» في علاجه. علاج مُشعّ أشار الدكتور أحمد الدرّي، رئيس الجمعية، إلى تطور آخر في خيارات العلاج. وقال: «جرى تصنيع حبيبات مُشعّة متناهية في الصغر، تُحقَن داخل الورم مباشرة، وتبدأ إصدار الأشعة القاتلة لخلايا الورم من دون تأثير كبير على خلايا الكبد المحيطة به»، مُسمّياً هذه المقاربة «العلاج المُوجّه» Targeted Thearpy. ونبّه إلى أن «المكتب الأميركي للغذاء والدواء» اعتمد حديثاً هذه الوسيلة لعلاج سرطان الكبد الأولي. ونجح الفريق العلمي ل «جمعية سرطان الكبد المصرية» في إدخال هذه الوسيلة واستخدامها في علاج الأورام المتقدّمة. وأشار إلى سعي لجعل هذه الحبيبات المُشعة تأخذ هيئة أقراص تبتلع عن طريق الفمّ. وتحدث الدكتور محمد كمال شاكر أستاذ الكبد في جامعة عين شمس، عن دور الجمعية في تشجيع الكشف المُبكر عن سرطان الكبد، موضحاً أن الكشف عنه يُجرى في 9 مراكز. وتهدف الجمعية إلى نشر الكشف المبكر في 23 مركزاً، في محافظات مصر كلها، إضافة إلى تدريب الأطباء على الكشف عن المرض وتسجيل النتائج في قاعدة بيانات مركزية. وأوضح الدكتور محمد علي عز العرب رئيس وحدة الأورام في «المعهد القومي للكبد» في القاهرة، أن الجمعية عقدت مؤتمرين عام 2011، لوضع إرشادات عن علاج أورام الكبد الأولية في مصر. تتضمن الإرشادات سبل الوقاية والكشف المبكر والتشخيص وتحديد مرحلة المرض، إضافة إلى وضع الطريقة المناسبة للعلاج. واعتبر أنها إرشادات تتوافق مع إمكانات أطباء مصر وظروفهم. وقال الدكتور محمود المتيني مدير وحدة زراعة الأعضاء في جامعة عين شمس، أن زراعة الكبد تعتبر العلاج الوحيد الذي يضمن الشفاء لمرضى أورام الكبد ومرضى الفشل الكبدي، موضحاً أن ال10 سنوات الأخيرة شهدت تقدماً هائلاً في تشخيص سرطان الكبد والتدخل الجراحي في علاجه، مع تنويهه بالدور الذي أدّته معايير اختيار مرضى زراعة الكبد، خصوصاً المُسماة «معايير ميلانو» في هذا التقدّم.