تابعت عن بعد مناسك حج هذا العام يوماً بيوم من خلال ما يُعرض في شاشات التلفاز، وكل ما أشاهد مناظر الحجيج أشعر بعظم نعمة الإسلام التي نحن عليها، وأحمد الله أن مَنّ علينا بهذه النعمة وعلى كل نعمة شرف الله بها بلادي، وأن جعلني من أبناء هذا الوطن المعطاء، وكم تمنيت أن أكون بينهم، وأن أعيش أجواء هذه الرحلة الروحانية التي جمعت أمة محمد من كل صوب وحدبِ وفجِ عميق في مكانِ واحد وبصوتِ واحد ملبيين للحج، على رغم اختلاف اللهجات والجنسيات والألوان، ومنظر الزحام الذي يلقي الرهبة في قلوب البعض، والطمأنينة والتحفيز لآداء الفريضة في قلوب البعض الآخر، إلا أن الهدف واحد والقصد واحد هو توحيد الواحد جل وعلا. شاهدت كم حاجاً أنعم الله عليه بنعمة الحج، وكم حاجاً أنعم الله عليه رضا والديه بهذا الحج، وكم حاجاً نوى إهداء حجته لميتٍ يعنيه أمره، وكم من أسر تعارفت وتصاهرت من هذا الحج، وكم... وكم... وكم. تساءلت في داخلي كثيراً يا تُرى ما حال الحجيج، وما شعورهم داخل الزحام وتحت الشمس الحارة، انتظرت عن كثب إعلان حال حج هذا العام سائلة المولى جل في علاه أن يسهل حجهم، ويبعد عنهم الأذى، ويعيدهم إلى أوطانهم وأهليهم سالمين من الأمراض، غانمين ببياض صفحة أعمالهم والرضوان، وما إن أُعلن خبر نجاح حج هذا العام، ليس ذلك فحسب، بل كان من أنجح المواسم على الإطلاق بعدم وجود أي حالات وبائية، أو ضجيج وحوادث عرقلت حركة الحشود، حمدت الله كثيراً ودعوته أن يمن علينا بحج العام المقبل، ويبلغ كل من لم يحج لآداء الفريضة بإذنه تعالى. لقد كنا في الماضي بمجرد ذكر الحج، أول ما يخطر في بالنا رهبة الزحام والموت، أما الآن بعد التسهيلات والتوسعات والقطار أصبح كل من جرب حلاوة الحج اليوم تمنى أن يكرر حجه ويتلذذ بروحانية هذه الرحلة الرائعة في كل عام من دون خوف أو تردد. فالحمد والشكر لك يا الله على نعمة الإسلام، وعلى نعمة الحج والحمد والشكر لك يا الله أن منحتنا قيادة رشيدة، وأباً حنوناً، وملكاً للإنسانية سخر جل اهتمامه لرعاية ضيوف الرحمن، فالشكر لك يا خادم الحرمين الشريفين وولي عهدك، والأمير محمد بن نايف، والأمير خالد الفيصل، على توفير الخدمات والتسهيلات كافة وسُبل الراحة والأمان لنجاح الحج والحفاظ والاطمئنان على صحة الحجيج على مدار الساعة، فهنيئاً لكم بالأجر، وهنيئاً لنا بمليكٍ وقيادة حكيمة مثلكم، أسأل الله لكم طول العمر ودوام الصحة والعافية، وأن يحفظ الله أمننا وأماننا، ويديمكم تاجاً على رؤوسنا، يا ذخر الإسلام والمسلمين، وكل عام وأنتم والوطن والحجاج والأمة العربية والإسلامية بألف خير. [email protected]