من خلال احتكاكنا بالموظفين المتدربين في برامج معهد الإدارة المتعددة، وكذلك عند إجرائنا لبعض الدراسات التنظيمية وغيرها، لاحظنا أن هناك عدداً لا بأس به من الموظفين، مسميات وظائفهم تختلف عما يمارسونه من أعمال، هذه الظاهرة تُحدث ما يمكن أن نطلق عليه «مثلث الضياع» للموظف وللجهة التي يعمل بها ولجهة التدريب. فالموظف إذا حصل على تدريب، بناءً على مسمى وظيفته، فإنه لا يستفيد منه في تطوير مهاراته ومعارفه، ويؤدي أيضاً إلى إعاقة تطوره الوظيفي. فعلى سبيل المثال، حدثني أحد الموظفين، يعمل رئيساً لقسم المحاسبة، بينما مسمى وظيفته «سكرتير»، أنه كلما رشحته جهته للترقية إلى وظيفة أعلى في مجال المحاسبة اعترضت وزارة الخدمة المدنية، لأن مسمى وظيفته «سكرتير» يختلف عما يمارسه من عمل فعلي، وهذا الوضع ينطبق على كثير من الموظفين. تسبب هذه الظاهرة أيضاً ما يُعرف ب«بالاحتراق الوظيفي»، لأن الموظف واقع بين نقيضين، مسمى وظيفة لا يزاول أعمالها، وعمل يزاوله لا يمت بصلة لمسمى وظيفته، هذا يسبب حالاً من الإرباك والحزن للموظف الذي لا يستطيع تجاهله ونسيانه عند الترقية أو التدريب. أما بالنسبة للجهاز الحكومي فإن اختلاف مسمى الوظيفة عن طبيعة العمل الذي يمارسه الموظف يكون مجالاً لصرف نفقات مالية من جهة العمل، وكذلك ضياع وقت الموظف والمنظمة. الزاوية الأخيرة في هذا المثلث هي جهة التدريب، إذ إن جهات التدريب الحكومية أو الأهلية تعتقد أن التدريب، إذا لم يكن ذا ارتباط بالمهام الفعلية التي يمارسها الموظف، فإنه يكون عديم الفعالية ومضيعة لوقت الموظف والمدرب ولها. وقد ازداد هذا الوضع سوءًا في الأجهزة الحكومية، بعد تثبيت الكثير من الموظفين على وظائف جديدة «مراتب»، لأن كثيراً من المسميات الوظيفية تختلف عما يمارسه الموظف من عمل. لذا أقترح إجراء دراسة ميدانية لعدد من الأجهزة الحكومية لتحديد أسباب هذه المشكلة ومعالجتها، وكذلك دور وزارة الخدمة المدنية في حدوث هذه المشكلة، خصوصاً أن الأجهزة الحكومية تطبق خطة تصنيف الوظائف المعتمدة من الوزارة. [email protected] @mohammedzw