تسير الحياة في مواقع التواصل الاجتماعي على إيقاع من الحرية لم تشهده أجيال سابقة، في أن حرية التعبير فيها تتعدى الأعراف المتبعة، بل وتسهم المنشورات والتغريدات في دفع عجلة إخراج العواطف والأفكار الكامنة إلى الظهور، وذلك في سابقة فريدة من نوعها. شباب جُدد لم تكن لديهم أية منافذ أخرى يعبرون فيها عن آرائهم، وأحياناً انصدموا بصحف ومواقع كثيرة لم تنشر لهم ما يكتبونه، فكان المسير نحو المواقع الافتراضية، حيث لا حسيب ولا رقيب. ولأن استخدام «فايسبوك» و«تويتر» سهل والكتابة على حائطيهما أسهل، كانت المساحة المخصصة للمنشورات من «بوستات» و«تغريدات» مليئة بما يكفي لأن نعتبرها مشاعر وخواطر حقيقية. الشابة سمر محمد تكتب ما يجول في خاطرها على صفحتها على «تويتر» أحياناً باسم مستعار وأحياناً أخرى باسمها الحقيقي، وترى في الموقع أنه أطلق ملكة الكتابة لديها من جديد، بعد أن كانت تكتب كل شي في دفتر خاص بها، والآن تعبر عن مشاعرها على صفحتها مباشرة، وتنتظر تغريدات الأصدقاء. وتضيف سمر ل «الحياة»: «تويتر جعلني أشعر بأنني موجودة ولي كلمة، ولا أنتظر رقابة الوسائل الإعلامية، وأكتب ما يدور في قلبي وعقلي فوراً، علماً أنني سمعت أن الموقع منع نشر منشورات سياسية تتعلق بتنظيمات معينة». وتشدد سمر، التي تعمل في محل للملابس في دبي على أن قيمة الكلمة كبيرة على الفضاء الافتراضي، مؤكدةً أن مهاراتها الكتابية ازدادت بنسبة كبيرة، نتيجة تفاعلها مع لغويين وكُتاب وصحافيين وغيرهم على صفحتها. «فايسبوك كان ولا يزال له دور مهم وكبير في إطلاق ملكة الكتابة لديّ»، يقول الشاب عمران محمد حسن. فهو بعدما أنهى دراسته الجامعية وانخرط في سوق العمل، «لم يعد يكتب شيئاً يعبر فيه عما يدور في خاطره من أفكار، وعندما تعرف إلى عالم فايسبوك اندهش به كثيراً كونه يحفز الشخص على القراءة بشكل لا إرادي وبالتالي يحفزه على التعاطي مع الأحداث بشكل عفوي، والكتابة». ويضيف عمران الذي يعمل مديراً تنفيذياً في شركة نقليات في دبي، ل «الحياة» أن ملكة الكتابة تتبدى لديه يومياً «سواء بتعليق على بوست لأحد الأصدقاء أو نشر مواضيع مختلفة، وكذلك التجاوب المتسارع مع الحدث اليومي». ولكن عمران يكشف أنه لا يعبر عن رأيه بشفافية كاملة على «فايسبوك»، بسبب «مجتمع محيط يمنعك بشكل أو بآخر من التعبير عن رأيك بأريحية وشفافية». أما الشاب زنار علي فيبدي موافقته على أن موقع «فايسبوك» يتيح له هامشاً واسعاً من حرية التعبير، معتمداً على متابعة بعض الكتاب والمجموعات والصفحات المتخصصة التي تفتح أمامه مجالاً واسعاً لنقل ما يدور في صدره. ويؤكد زنار، الذي يعمل في مهنة تلبيس الحجر ونحته، ل «الحياة» أن هذه الصفحات تساعده في التغلب على أزمات الكتابة والتعبير، ولا سيما أنه يعيش الاغتراب، وهو يحاول أن يصنع من مجال الكتابة نوعاً من التعويض عن تكوين صداقات جديدة أو أن يبقى قريباً من بلده وأهله.