قد يهتمّ برلمانيون عراقيون بأدوات العصر وبتدعيم شعبيتهم، فيسارع العشرات منهم إلى فتح حسابات في «تويتر» و»فايسبوك»، مرسلين طلبات الصداقة، وموافقين سريعاً على من يقدمها لهم. إلا أن أصحاب صفحات ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي يرون إن قادة أحزاب ومسؤولين في الحكومة العراقية لا يجيدون التواصل، إذ لا يطوّرون قدراتهم في استخدام صفحاتهم الشخصية، ناهيك بفقدان الصبر في السجالات والحوارات العامة. والحال إنه، منذ تظاهرات «ساحة التحرير» في بغداد، في شباط (فبراير) من العام الماضي، ازداد نشاط السياسييّن في تلك المواقع، وتردّدَ إن متابعةَ نقاشات المشتركين حفّزت البعض منهم على تحسين أدائهم الإلكتروني. ويُشكّل «فايسبوك» مصدرَ معلومات مهمة للسياسيين العراقيين، وصار مُعتاداً أن يطلُبَ نائب إضافة بند إلى جدول أعمال البرلمان اقتبسه من «ستاتوسات» (تعليقات) ناشطين عراقيين. وبطبيعة الحال، سبق شباب عراقيون سياسييّهم إلى تلك المواقع، وتعرِضُ مئات الصفحات سجالات سياسية حول الأحزاب وقادتها. في حين تُرمى النخبة السياسية بانتقادات لاذعة لإهمالها التواصل مع الجمهور والإجابة عن أسئلتهم، خصوصاً الشباب منهم. وتفيد إحصاءات غير رسمية بأن عدد مشتركي «فايسبوك» و»تويتر» في العراق يصل إلى 6 في المئة من السكان. هكذا، فتح وزراء ومحافظون وبرلمانيون حسابات شخصية. لكنهم، حتى الساعة، غير فاعلين فيها، سوى ما ينشرونه من بيانات رسمية عن نشاطهم السياسي، إضافة إلى المواد الصحافية التي تتحدث عنهم. علماً أن غالبية صفحات المسؤولين يديرها موظفون هم الذين يتواصلون مع الجمهور. ولرئيس الوزراء نوري المالكي حساب في «فايسبوك»، كما هي حال رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، ورئيس وزراء إقليم كردستان السابق برهم صالح. بيد أن بعض البرلمانيين يديرون صفحاتهم بلا وسطاء، ويدخلون في سجالات مع منتقدين، أو معجبين بسياسة الحزب الذي يمثلونه، فيما يتجنب كثير منهم التعليق على ما يرد هنا وهناك في صفحاتهم، لا سيما التعليقات التي تتناول شبهات الفساد أو دور الميليشيات في العراق. ونحو نصف أعضاء البرلمان العراقي، وهم 325 نائباً، لهم حسابات في «فايسبوك»، وهو أكثر شعبيةً عندهم من «تويتر». ولما سألت «الحياة» نواباً عن طبيعة حضورهم الرقمي، جاءت الإجابات مختلفة من قبيل: «لا أملك الوقت»، «أتحاشى الإساءات»، «أتصفح منشورات الأصدقاء ونادراً ما أكتبُ شيئاً»، «الموظف يجهز لي ملخصاً عن الرسائل»، «قد أتأخر كثيراً في قبول الصداقة»، «أنتظر دعوات الآخرين ولا أطلب أحداً»... وتزداد المشاركة وكتابة ال «ستاتوس» مع تفاقم الأزمات السياسية أو اقتراب استحقاقات انتخابية. بعض صفحات السياسيين والمسؤولين تعرض ضمن خانة الإعلانات الممولة في «فايسبوك»، ومنهم رئيس البرلمان أسامة النجيفي، ووزير المالية رافع العيساوي، ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، ونجله مسرور، وعمار الحكيم زعيم المجلس الإسلامي الأعلى، وآخرون. إلا أن الحال مختلفة قليلاً في صفحات أعضاء البرلمان، إذ ينشرون صورهم بكثافة، خصوصاً تلك التي تُظهر نشاطهم في مناطقهم الانتخابية. يكتب النائب وليد الحلي (عن ائتلاف دولة القانون) في صفحته: «شبابنا هم بناة المستقبل». أما النائب السابق أكرم فوزي ترزي، فيطالع برجه القوس الذي ينصحه «بعدم الخلط بين عمله وعواطفه، وألا يلعبَ دوراً لا يمثل حقيقته». وتزعم النائب كميلة الموسوي في «ستاتوس»: «الكشف عن مشروع فاشل ب41 بليوناً في مدينة السماوة (جنوب)». لكن، في العموم، يبقى المهتمون بالنشاط السياسي في مواقع التواصل على رأيهم بأن صفحات السياسيين ليست سوى «ديكور... للدعاية والترويج». هكذا، قد يتولى جمهور «فايسبوك» تفعيل الحوار حول الأزمات العراقية على طريقته، فيفترض دردشة خاصة بين صفحتي نوري المالكي وإياد علاوي، محورها الخصومة في شأن قانون البنى التحتية. فيبدأ الحوار الافتراضي المختلق، على سبيل التندّر، بتبادل التحية: «كيف حالك أبو حمزة (علاوي)... بخير أبو أسراء (المالكي)». ثم يسأل الأخير خصمه زعيم «الكتلة العراقية»: «لماذا تعارض قانون البنى التحتية؟» فيجيب علاوي: «لا أطمئن لك يا نوري»، فيرد المالكي: «عزيزي إياد... الشعور متبادل».