سيكون المصريون عموماً والأقباط خصوصاً على موعد اليوم مع إعلان اسم بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الرقم 118، حين يقوم طفل قبطي معصوب العينين بسحب اسم واحد من بين ثلاثة مرشحين تصدّروا نتائج الاقتراع التمهيدي الأسبوع الماضي. وسيكون على البابا الجديد اقتحام أزمات شائكة عدة تركها له البابا الراحل شنودة الثالث. واختار أمس قائم مقام الكنيسة الأنبا باخوميوس 12 طفلاً، من إجمالي 300 طفل، سيحضرون قداس ما يُعرف ب «القرعة الهيكلية» الذي سيبدأ صباح اليوم، قبل أن يتم اختيار طفل من بينهم ليكون هو من يسحب اسم البطريرك الجديد. ويتنافس على هذا المنصب الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة الأنبا رافائيل الذي درس الطب، والأسقف العام لكنائس محافظة البحيرة (شمال القاهرة) الأنبا تاوضروس الذي درس الصيدلة، والراهب القمص رافائيل أفا مينا الذي يحمل شهادة في الحقوق. وعُرف عن الثلاثة خصوصاً الأخير (أفا مينا) الابتعاد عن الأمور السياسية والاهتمام أكثر بالشأن الدعوي. ولم يعرف عن المرشحين الثلاثة أي علاقات مع الدولة في العهد السابق، كما لم يدخلوا في صراعات مع النظام الحالي بقيادة الإسلاميين. وأياً ما كان اسم البابا الجديد فإنه سيواجه حزمة من الأزمات داخل كنيسته، تحتاج إلى تدخل سريع قبل أن تتفاقم، ولعل أخطرها تعديل اللائحة 57 التي تنظم انتخابات البطريرك وتوسيع دائرة الناخبين، وإلغاء القرعة الهيكلية، إضافة إلى حل أزمة الطلاق والزواج الثاني لدى الأقباط، ناهيك عن إعادة تشكيل المجلس الملي وتوسيع صلاحياته، وكلها مطالب طالما طالب بها الأقباط في مصر في عهد البابا شنودة الثالث من دون استجابة. ويؤكد المستشار القانوني للكنيسة نجيب جبرائيل أن المرشحين للمنصب وقعوا جميعاً إقراراً يتضمن الالتزام بتعديل اللائحة خلال عام من الجلوس على الكرسي البابوي، موضحاً أن التعديل سيكون من أجل «توسيع دائرة الناخبين». غير أنه نفى وجود أي نيات لإلغاء القرعة الهيكلية، وقال إن الأقباط يؤمنون بأن البطريرك «اختيار السماء». وعزا جبرائيل رفض شنودة الثالث تعديل اللائحة 57 إلى «خشيته من أن تطاوله اتهامات بالتمهيد لشخصية معينة لخلافته في منصب البطريرك، فترك مهمة التعديل للبابا الجديد». لكن جبرائيل رأى أن أزمة الطلاق والزواج الثاني لدى الأقباط هي «الأخطر»، وقال ل «الحياة» إن «هذه الأزمة تشكّل صداعاً لرأس الكنيسة، لا سيما في ظل بطء إجراءات المجلس الإكليركي المسؤول عن الأحوال الشخصية للأقباط». ومن المتوقع أن يصطدم البابا الجديد مع التيار العلماني الذي يصر على ابتعاد الكنيسة عن الشأن السياسي وهو الرأي نفسه الذي تعتقده مجموعات من شباب الأقباط شكّلوا حركات احتجاجية في مقدمها «ائتلاف شباب ماسبيرو»، والذي بات يشتبك في القضايا السياسية مع الدولة. كما أنه قد يصطدم مع مجموعة من الأقباط تدعى «أقباط 38» برزت في الآونة الأخيرة وتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية على الأقباط حتى في أحوالهم الشخصية. وبعيداً من ذلك تأتي علاقة الكنيسة بالدولة، والتي ستتشكل على ما يبدو وفقاً لقواعد جديدة في ظل حكم الإسلاميين.