أنكر دائنو اليونان مرتين أخيراً إعلان الحكومة اليونانية التوصل إلى إبرام اتفاق معها حول إصلاح موازنة البلاد، لكن كل شيء يدعو إلى الاعتقاد بأن الاتفاق قائم والمشكلة تكمن في مكان آخر هو تفاقم الديون. فبعد أربع سنوات على بداية الأزمة المالية الدولية التي انطلقت في 2008 في الولاياتالمتحدة، تجد اليونان ذاتها في وضع أسوأ مما كان عليه لحظة بدء تطبيق خطة الإنقاذ في أيار (مايو) 2010 لتفادي إفلاسها وتفجر منطقة اليورو. واليونان التي استفادت من خطي ائتمان بقيمة إجمالية من 240 بليون يورو تقريباً من جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي (ترويكا الدائنين)، شهدت نمو ديونها في صورة آلية. وتفاقم ذلك مع انهيار الأسس الاقتصادية للبلاد والتأخر الكبير في برنامج التخصيص الذي كان يفترض أن يساعد البلد على امتصاص هذه الديون. وبعدما كانت نسبة الديون في بداية الأزمة 129 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ستنهي الديون 2012 حول 170 في المئة منه. وغرقت البلاد في انكماش يزداد حدة (-7 في المئة) مع مؤشرات البطالة والإنتاج الصناعي التي بلغت درجة متدنية جداً. والتوقعات في المدى الطويل حول الديون اليونانية سلبية وحتى مثيرة للقلق، وهي في هذه الحالة تستبعد تحقيق هدف بلوغ الديون نسبة 120 في المئة من الناتج في 2020، وهي النسبة التي حددتها الجهات الدائنة الشتاء الماضي أثناء توقيع اتفاق القرض الثاني. وفي تقريره الأخير الذي نشر في تشرين الأول (أكتوبر)، توقع صندوق النقد أن ترتفع الديون اليونانية إلى 170.7 في المئة من الناتج في 2012، وستتفاقم حتى 181.8 في المئة في 2013، ثم ستعود إلى الانخفاض تدريجاً حتى 152.8 في المئة في 2017، وهو رقم سبق واعتبره صندوق النقد مرتفعاً جداً. وعلى أي حال، قال الاقتصادي الفرنسي إيلي كوهين من المركز الوطني للبحوث العلمية أثناء زيارة إلى أثينا هذا الأسبوع للحديث عن أزمة الحوكمة داخل منطقة اليورو: «لا أحد يتخيل أن اليونان يمكن أن تسدد ديوناً تساوي 170 في المئة من ناتجها». وقال أمام حشد من المهتمين: «كل واحد يعرف أن كلفة الدين ستقع على عاتق بعض الدول الأوروبية وأن القطاع العام (الجهات المؤسسية التي تقدم القروض) عليه أن يدفع». وأضاف: «ستكون هناك إعادة هيكلة للديون»، معتبراً أن الألمان «يأملون أن يحصل ذلك في أبعد وقت ممكن»، ومن المفضل أن يحصل بعد الانتخابات التشريعية المتوقعة في نهاية 2013. ونشرت الحكومة اليونانية الأربعاء توقعات أسوأ أيضاً، الأمر الذي كان له وقع كبير، وذلك على هامش عرض موازنة 2013 أمام البرلمان. وبحسب مشروع قانون الموازنة الذي حمل عنوان «إطار استراتيجية مالية عامة على المدى المتوسط (2013 - 2016)»، «ستكون زيادة الديون سريعة للغاية من دون تدخلات (مناسبة) تؤثر في القدرة على تحمل عبء الديون».