قبل اربع سنوات رحبت افريقيا بفرح وابتهاج بانتخاب باراك اوباما آملة بجرأة بان يقوم اول رئيس اميركي اسود بمبادرات حيالها، لكن واشنطن تنتهج سياسة خالية من الامتيازات حيال القارة تتمحور بشكل اساسي على المشاكل الامنية. فيوم انتخاب باراك اوباما في تشرين الثاني/نوفمبر 2008 بكى وزير الخارجية النيجيري تأثرا، فيما اكد الرئيس الجنوب افريقي السابق نلسون مانديلا ان ذلك دليل على انه يتوجب التحلي ب"الجرأة للحلم" وكينيا اعلنت يوم عطلة. وهذا الابتهاج والترحيب لقيا صدى سريعا في الجانب الاميركي فقام اوباما بزيارة غانا بعد خمسة اشهر فقط من تنصيبه رئيسا. وقال انذاك ان "دماً افريقياً يجري في عروقي" بدون ان يخفي تأثره الكبير امام البرلمان الغاني مباشرة على التلفزيونات الافريقية. واكد ان "افريقيا تشكل من الان فصاعدا وبشكل اساسي جزءا من عالمنا المترابط". لكن مع تفاقم الانكماش في الولاياتالمتحدة واستمرار الحربين في العراق وافغانستان وتفجر "الربيع العربي" وجدت افريقيا نفسها في مركز ثانوي مألوف بالنسبة لها. وقال الدبلوماسي الجنوب افريقي المخضرم توماس ويلر المرتبط حاليا بالمؤسسة الجنوب افريقيا للشؤون الدولية "كان هناك امل كبير من ان اوباما سيكون رئيسا اميركيا لافريقيا". واضاف "لكنه كان مجرد امل غير واقعي، لان "واقع ان يكون والده من اصل افريقي (كيني) لا يعني انه سيمضي مزيدا من الوقت للاهتمام بافريقيا". وكانت زيارة اوباما الى غانا الوحيدة الى القارة الافريقية. ولم ينشر البيت الابيض وثيقة من تسع صفحات بعنوان "الاستراتيجية الاميركية ازاء افريقيا جنوب الصحراء الكبرى" سوى في حزيران/يونيو 2012. لكن القارة السوداء لم تكن مهملة تماما. فسلاح الجو الاميركي واجهزة الاستخبارات حاضران فيها فعلا. وبدأت سياسة الولاياتالمتحدة ازاء افريقيا تصبح خالية من الامتيازات اكثر فاكثر لتصبح شبيهة بتلك التي يتبعونها ازاء بقية العالم. وقال جايسون وارنر وهو خبير من هارفرد في شؤون الامن في افريقيا "ان اوباما في اعتقادي اكثر التزاما ازاء افريقيا لكن الطريقة التي تلتزم فيها الولاياتالمتحدة قد تبدلت. فهي ترتبط اكثر بمشكلات الامن". وراى ان اوباما ساعد على "تطبيع" السياسة الافريقية. ومنذ وصول اوباما الى البيت الابيض اشير الى ان ادارته طورت شبكة قواعد جوية في سائر ارجاء القارة الافريقية للتدرب على مواجهة الاسلاميين المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة وجماعات اخرى. وقد استخدمت قواعد سرية مرات عدة في بوركينا فاسو وموريتانيا لمراقبة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وفي اوغندا لملاحقة عناصر جيش الرب للمقاومة بزعامة جوزف كوني. وفي 2011 امر باراك اوباما بنشر نحو مئة عنصر من القوات الخاصة لمساعدة القوات الاوغندية على القيام بدوريات في الادغال الكثيفة في جمهورية افريقيا الوسطى بواسطة طائرات مراقبة للبحث عن مجرم الحرب كوني. كما اشارت معلومات غير مؤكدة الى قيام طائرات بدون طيار بضربات في الصومال بصورة متكررة. وتتكلل هذه السياسة الامنية الجديدة حيال افريقيا بالقيادة الافريقية للولايات المتحدة او "افريكوم" التي تشكل العصب الحيوي للعمليات العسكرية في المنطقة او في مجال التعاون. واصبحت هذه القيادة عملانية قبل شهر تقريبا من انتخاب اوباما وباتت تملك طاقما دائما من الفي شخص، اي اكبر من طاقم الوكالة الاميركية المكلفة التنمية الاقتصادية والمساعدة الانسانية في العالم "يو اس ايد". لكن على غرار سياسة اوباما الامنية في افريقيا تلتزم افريكوم بالتحفظ. لذلك اقيم مقرها في شتوتغارت بالمانيا بدلا من افريقيا، وذلك جزئيا بهدف التصدي للاتهامات بمطامع استعمارية جديدة. واعتبر شيدي اودينكالو مسؤول اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في نيجيريا ان سياسة اوباما في مواجهة ازمة مثل التمرد الاسلامي لجماعة بوكو حرام في نيجيريا كانت متوازنة. وقال "كان من السهل التحرك بشكل عنيف وزج نيجيريا في الحرب العالمية على الارهاب. لكن اعتقد ان الولاياتالمتحدة اقرت بخصوصيات الوضع النيجيري". وبصورة عامة فاي تكن النتائج السلبية لغياب اوباما على الارض في افريقيا، فان قدرته على الهاب مخيلة الافارقة ما زالت على حالها براى شيدي اوندينكالو. وقال "اعتقد ان نجاح رئاسة اوباما تذهب ابعد مما قام به لافريقيا".