لم تعد الشركات الكيماوية السويسرية قادرة على إخفاء قلقها من الإعصارات الناجمة عن تنقل أزمات المال بين منطقة وأخرى حول العالم. وإذ باتت حساسة جداً أمام تقلبات البنية التحتية الاقتصادية الدولية، فهي تسعى إلى الاستثمار حتى في فترة تسجيل تراجع العائدات، بهدف تنويع نشاطاتها وتعزيز الإبداع في منتجاتها. وبما أن الرغبة في التنافس دولياً تجتاح طموحاتها الشركات في سويسرا، فإن تأسيس فروع لها في الخارج، بات هدفاً حيوياً لا مفرّ من تنفيذه. لا تقتصر نشاطات هذه الشركات على إنتاج الأدوية فحسب، بل هي موجودة في قلب الأنسجة الصناعية الخاصة بالعربات ومواد البناء والتكنولوجيا وحتى الاقتصاد الأخضر الصديق للبيئة. وستكون سلوكيات فروع الشركات الكيماوية في الخارج محدودة في قطاع الخدمات، ما يعني عدم قيامها بأي نشاط خاص يتعلق بالبحث والتطوير، إذ يمكن إنجازه في سويسرا وبإشراف متخصصين موثوق بهم. ويشير صناعيون إلى أن تقلّص عائدات الشركات الكيماوية لدى الدول المحيطة بسويسرا، تحضّ رجال أعمال كثراً، على الإسراع في تأسيس هيئة تجارية في الخارج. إذ يكفي النظر إلى الأشهر الخمسة الأولى من السنة، لاستنتاج تآكل عائدات الشركات الكيماوية الأوروبية أكثر من 5 في المئة. ولتجنّب الوصول إلى تسريح الموظفين العاملين في القطاع الكيماوي السويسري بالآلاف، على غرار ما يحصل وفي شكل غير اعتيادي لدى المصارف السويسرية الكبرى، يباشر أصحاب الأعمال الكيماوية السويسريون نقل جزء من أعمالهم إلى الخارج لتخفيف أعباء كلفة الإنتاج. مرة أخرى، ينظر القطاع الكيماوي المحلي إلى الدول الآسيوية تحديداً الصين، بعدما راهن الجميع على احتمال نقل بعض النشاطات الكيماوية السويسرية إلى أفريقيا الشمالية، لأن كلفة الإنتاج في آسيا لا تختلف كثيراً عن أفريقيا الشمالية. لكن الأوضاع الأمنية والسياسية في الدول العربية، تحول دون تمكّن الشركات السويسرية من التحرك كما تشاء، إنما ضمن القوانين والبروتوكولات الوطنية. ويُتوقع أن تستثمر هذه الشركات ما لا يقل عن 150 بليون فرنك سويسري في منطقة آسيا – الباسيفيك، لوضع الحجر الأساس لنشاطات متنوعة ستلقى الكثير من الشراكات الآسيوية الاستراتيجية. في حين ستكون الاستثمارات الكيماوية والصيدلانية في أفريقيا الشمالية متواضعة جداً العام المقبل، ما يطرح أكثر من سؤال حول مدى نجاح المساعي الحكومية في أفريقيا الشمالية، الرامية إلى استقطاب الاستثمارات الخارجية من دون تنفيذ أي عملية إصلاح مهمة.