تمر الأيام والأشهر على أم ريتاج على أمل بأن تجد من يسد حاجتها المتزايدة وعوز أسرتها. لا تعلم أين سيقودها المصير المجهول وضيق حالها سوى اللجوء إلى الله. أسرة أم ريتاج المكونة من سبعة أفراد مع شقيقها المعاق، شكل لها عبئاً كبيراً أثقل كاهلها، على رغم كفاحها من أجل عيش حياة كريمة تستطيع سد رمق أطفال يبست حلوقهم. تسكن أم عبدالله في بيت مستأجر، وتعجز باستمرار عن دفع إيجاره، ما يجعل الخوف من التشرد هو شغلها الشاغل، تقول: «انقلبت حياتي بعد وفاة والدي وطلاقي، فلم نذق طعم السعادة، وتكالبت على حياتنا الظروف من كل حدب وصوب، بعد طلاقي عدت إلى منزل والدي لأرعى أخوتي الصغار اليتامى، وبرفقتي ابنتي الصغيرتان، ما زاد الحمل علي كثيراً»، موضحة أنها تعمل في محل نسائي، لكن الراتب ضئيل جداً، ولا تستطيع تحمل كامل نفقات عائلتها، وغرقت في ديون ثقيلة لا قدرة لها على تحملها. حاولت أم ريتاج إخفاء دموعها وهي تسرد مأساتها ل«الحياة»، ولكن الدموع أبت عليها ذلك، وانسكبت بغزارة لتترجم ما يخالجها من الداخل ويعتصر قلبها الذي ذاب حزناً، وعينها التي أرقها السهر، وتختصر ما عانته فتاة في عقدها الثاني حال العوز دون إسعاد أولادها وعلاج شقيقها المعاق بشلل تام، بل أقل من ذلك حرمهم من محاكاة أقرانهم في الملبس والمأكل. وتضيف: «لا أحد يعمل من الأسرة إلا أنا، وأتحمل كامل النفقات والديون، ويصعب علي مجارات غلاء الأسعار ومتطلبات الحياة، حاولت والدتي المسنة تغطية بعض المصاريف الأخرى، إلا أنها مع كبر السن لا تستطيع، وأنا حاولت البحث عن عمل إضافي، لسداد ديون أسرتي، وللبحث عن منزل يؤوينا والتخفيف من همومهم، إلا أنني لم أجد، جميع الأبواب أوصدت أمامي». وتتابع: «وصلت إلى مرحلة يصعب تحملها، أو الاستمرار في التعايش معها، الظروف أصبحت صعبة للغاية، وابنتاي ما زالتا صغيرتين، فيما راتبي الضئيل لا يكفي لتوفير مستلزمات الأسرة وإيجار المنزل، وكثيراً ما أشعر بالضيق، ولا أجد وسيلة تخرجني منه إلا البكاء». وعلى رغم سوء حالها النفسية وشعورها باكتئاب طوق حياتها وكبلها، كونها فتاة، إلا أنها لم تيأس، فقد حاولت طرق الأبواب الأخرى للبحث عن دخل ثاني لسداد ديون أسرتها. وتستطرد: «عندما تزوجت اعتقدت أنني أسعد إنسانة في الدنيا، إلا أنني لم أجد إلا الشقاء والتعب، فبدلاً من التخفيف عن عائلتي، رجعت لهم ومعي طفلتَي فتضاعف الهم، وزادت مطالب الحياة، والمسؤولية أصبحت أكبر مما كنت أتوقع». وتناشد أم ريتاج فاعلي الخير مساعدتها في تحسين وضعها المادي، وتوفير بيت لها هو وأسرتها، «وسداد الديون، والحصول على منزل ملك هو أهم الأمور لدي حالياً، فهي التي ستبعد شبح التشرد الذي يقلقني دائماً».