تعمل أم نورة منذ نعومة أظفارها. فمذ تزوجت وهي في العقد الثاني من عمرها، لم تذق «طعم السعادة» بحسب تعبيرها، إلا أن الظروف تكالبت على حياتها الزوجية التي لم تدم إلا أعواماً بسيطة، وعادت إلى منزل والدها «مطلقة»، برفقة ابنتها نورة ذات الأعوام الثمانية. وكانت المطلقة أم نورة تعتقد أن الحياة الزوجية، «فاتحة الخير»، إلا أنها فوجئت بأن الظروف باتت أكثر صعوبة نفسياً واجتماعياً ومادياً. وتقول: «فضلت الانفصال بعد تجربة يصعب الحديث عنها»، مضيفة: «حاولت البحث عن وظيفة، إلى أن وجدت نفسي أعمل لأتحمل كامل نفقات عائلتي، وغرقت في ديون ثقيلة لا قدرة لي على تحملها». وتتابع: «تتكون أسرتي من 13 فرداً، فيما والدي رجل كبير في السن ومتقاعد، ولا أحد يعمل من الأسرة إلا أنا، وشقيقي الكبير، ونتحمل كامل النفقات والديون، ويصعب علينا الآن دفع إيجار المنزل». وتجد أم نورة، نفسها «مجبرة على العمل، بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة، فأنا موكلة بابنتي ومصاريفها كافة، وحاولت البحث عن عمل إضافي، لسداد ديون أسرتي، والتخفيف من همومهم، إلا إنني لم أجد، وأُغلقت كل الطرق أمامي، حتى في عملي أواجه مشكلات عدة، وبخاصة في المواصلات واضطر إلى دفع مبلغ لسيارة الأجرة، فضلاً عن مصاريف إخوتي الصغار». وتلفت إلى أنها وصلت إلى مرحلة يصعب تحملها أو الاستمرار في التعايش معها، «الظروف أصبحت صعبة للغاية، وابنتي ما زالت صغيرة وتحتاج إلى نفقة، فيما راتبي وراتب شقيقي الضئيل، لا يكفيان لتوفير مستلزمات الأسرة، وإيجار المنزل، وكثيراً ما أشعر بالضيق، ولا أجد وسيلة تخرجني منه إلا البكاء، فمنذ كنت طفلة، وأنا أعاني من ظروف عائلتي المادية». ولم تطلب أم نورة إلا المساعدة في سداد إيجار المنزل الذي يحميها وطفلتها وأهلها غير القادرين على تحمل الأعباء والنفقات، «فعندما تزوجت اعتقدوا أنني قد أكون سعيدة، إلا أنني لم أجد إلا الشقاء والتعب، فبدلاً من التخفيف عن عائلتي رجعت لهم ومعي ابنتي، فتضاعف الهم، وزادت مطالب الحياة، والمسؤولية أصبحت أكبر مما كنت أتوقع». وعلى رغم أنها لم تصل بعد لسن ال30، إلا أنها ترى الدنيا سوداء قاتمة، «اضطررت للعمل حالياً في أحد الفنادق، خوفاً من سؤال الناس، ومد يدي إلى الآخرين». لكن أم نورة تجد نفسها اليوم مجبرة، لأن تطلب من أهل الخير مساعدتها ودعمها في حل مشكلاتها ومشكلات أسرتها المالية التي أرهقتهم كثيراً، «وصل الأمر أن والدتي بدأت في البحث عن أي عمل، على رغم أنها امرأة كبيرة، وتعاني من مشكلات صحية».