«حكومة حرب» و«تحالف المتطرفين»، عنوانان من فيض عناوين وسائل الإعلام العبرية التي تناولت في عناوينها الرئيسة وملاحقها الأسبوعية أمس الإعلان المفاجئ لزعيم «ليكود»، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المغالي في التطرف، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان خوض الانتخابات العامة المقبلة (في 22 كانون الثاني) ضمن قائمة انتخابية واحدة تحت اسم «ليكود بيتنا». واتفق الجميع على تسمية هذه الخطوة ب «قنبلة الانتخابات» التي فاجأت الساحة الحزبية برمتها. وعزا معلقون هذه الخطوة إلى استطلاعات رأي داخلية أجراها نتانياهو أشارت إلى تراجع في شعبية «ليكود»، ومخاوف من أن ينجح حزب وسطي في الحصول على عدد مقاعد مساو لمقاعد «ليكود»، ما قد يراكم صعوبات في طريق نتانياهو لتشكيل حكومة جديدة، ويعرضه إلى تنازلات وابتزازات أحزاب الائتلاف. ويطمح نتانياهو بأن يخرج فائزاً في الانتخابات مع 40 مقعداً وأكثر، ما يؤهله فوراً ليكون المرشح لتشكيل الحكومة الجديدة بصفته الكتلة الأكبر، إذ ستكون مهمة تشكيلها أسهل بكثير مما لو بقي «إسرائيل بيتنا» المتطرف مستقلاً، إذ سيتطلب الآن من نتانياهو إقناع حزب أو اثنين لضمان غالبية برلمانية، وهناك أكثر من حزب يميني مرشح للانضمام الى حكومة كهذه. في المقابل، لا يبدو أن أحزاب الوسط قادرة على تشكيل تكتل وسطي يشكل نداً قوياً ل «ليكود بيتنا»، فالصراعات بين «يش عتيد» و «العمل» وحزب جديد برئاسة وزيرة الخارجية سابقاً تسيبي ليفني، على زعامة مثل هذا التكتل كبيرة. واتفق معلقون على أن التحالف الجديد يضمن لنتانياهو رئاسة الحكومة، لكنه يطرح علامات سؤال كثيرة عن مصير الديموقراطية في إسرائيل وحقوق الأقلية الفلسطينية فيها، فضلاً عن صورتها في الخارج. وكتب كبير المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع أن «ليبرمان لم يتحرر بعد من تأثير الفاشية الروسية، فهو لا يحترم قواعد اللعبة الديموقراطية، ولا يحترم أياً كان من مؤسسي الدولة العبرية، بل يرى في (الرئيس فلاديمير) بوتين قدوته. وعليه، فإن التقاءه بالجناح المتطرف المعادي لليبرالية داخل ليكود، لا يبشر بالخير». وتوقع أن تشهد الكنيست المقبلة موجة قوانين معادية للديموقراطية، وإلحاق «الغبن والتمييز بالأقليات، وشل المعارضة وإخراس وسائل الإعلام». ورأى محرر صحيفة «هآرتس» ألوف بن أن نتانياهو «شكل أمس حكومة الحرب التي ستقود إسرائيل إلى مواجهة مع ايران». وأضاف أنه «مع ليبرمان... سيكون ليكود حزباً يمينياً متطرفاً وعدائياً، يتعطّر بالعزلة الدولية، ويرى في الجمهور العربي (داخل إسرائيل) عدواً داخلياً وخطراً على الدولة». وأضاف: «سنرى حكومة تسعى الى دولة قومجية متطرفة تفعل ما تشاء، كل ذلك بعد أن مزج نتانياهو حزب ليكود الذي امتاز حتى اليوم بديموقراطية داخلية، مع قائمة الدمى التي يشكلها الديكتاتور ليبرمان». واتفق المعلق البارز في الصحيفة آري شبيط مع بن في توقعاته لصورة الحكومة الإسرائيلية المقبلة وسياستها، واستذكر أن نتانياهو طالما رأى في ليبرمان إنساناً خطيراً، فيما رأى الأخير في نتانياهو «إنساناً بائساً ... واليوم اتفق الاثنان على الشراكة بينهما، وفي لحظة واحدة، جعلا من إسرائيل دولة أكثر خطراً وبؤساً مما هي عليه». وأضاف أنه من الناحية القيَمية، فإن هذ الخطوة هي خطوة قاتمة، «إذ يجعل نتانياهو من حزب قومي ليبرالي حزباً قومجياً متطرفاً، ويجعل من رئيس حكومة يمثل وسط اليمين رئيس حكومة أسيراً بيد قوات ظلامية». وأضاف أن قرار نتانياهو إنقاذ نفسه من خلال ليبرمان إنما أحدث انقساماً داخل إسرائيل وأضعفها في الحلبة الدولية أكثر فأكثر، و«تسبَب في أن يرى فيها العالم دولة جرباء منبوذة».