يوم الحج الأكبر، يوم تستجاب فيه الدعوات، ويكون أولئك الحجيج أقرب ما يكونون إلى خالقهم.. ترتفع الأيدي بالدعوات وتلهج الألسن بالتلبية وتنساب الأدمع طمعا في التوبة ورغبة في الاستجابة. الكل يدعو الله بحسن ثواب الآخرة والمغفرة والرحمة والتوبة.. وهناك أيضا دعوات يتوجه بها الحجيج يريدون منها نوال بعض خير الدنيا لأنفسهم وأهلهم وللذرية وللوالدين ومن أوصاهم واستوصاهم.. وبين تلك الدعوات التي تعلو بها الأصوات دعوات خاصة يتوجه بها الحاج قد تسمع من سواه وقد تظل مناجاة بينه وبين خالقه لا يسمعها سواه لخصوصيتها.. حاولنا أن نقترب من بعضهم على صعيد عرفات لنعرف بعضا من مضمون تلك الدعوات الخاصة. حمد أرشد حاج، من باكستان يكشف بعضا من مناجاته الخاصة «لدي من الأبناء والبنات والأحفاد ما يقارب 50 ابنا وحفيدا بفضل الله، وأنا أدعو الله أن يبارك فيهم، وأن يجنبهم الشرور، كما أدعوه أن يغفر لي ما مضى، وأن يحسن خاتمتي، فأنا تجاوزت ال85، وهذه حجتي الخامسة ولا أدري أأعود لهذه البقاع المقدسة مرة أخرى أم لا؟». للأبناء والأزواج محمد رضوان، من الأردن يوضح «عانيت الكثير من المشكلات فيما مضى من سنوات، خسائر مادية وأمراض ومشكلات عائلية ونكسات أخرى، وأنا أمام تغيير كبير في قادم الأيام بعد أن راجعت كل حساباتي وأريد أن يكون الحج بداية التغيير في حياتي، وأسأل الله أن يكتب لي الفريضة ويحقق أمنياتي في قادم الأيام». من جهتها تقول الحاجة «أم يونس» من مدينة مكناس المغربية: «لدي ابن يعمل في فرنسا وأخاف عليه كثيرا، أخشى عليه من الحياة والمعيشة هناك، كما لدي ابنة تعيش في إيطاليا ومتزوجة هناك، وأسأل الله لهما الصلاح والفلاح، وأن يجنبهما الفتن والكسب الحرام خاصة، وتضيف «لدي تجارة خاصة في بلدي أجني منها رزقا حلالا وأسأل الله أن يبارك لي فيها». وتقول أم محمد، موظفة من المملكة: «أدعو الله في الحج لزوجي، يرحمه الله، الذي قضيت معه 25 عاما لم يسئ لي فيها قط، ولم نمر خلالها بمشكلة، بل كانت حياتي معه سعيدة هانئة أنجبنا خلالها من الأبناء من هم اليوم متعلمون وذوو وظائف ومهن محترمة، وترك لنا، والحمد لله، إضافة للأبناء المال الحلال، وإني أسأل الله سبحانه أن يغفر له ويرحمه، والله دعوت له على مدى السنوات الماضية في الحج والحرم المكي والمدينة المنورة دعوات كثيرة». للخاصة والعامة الحاج يوسف سليم، من مصر تظهر كلماته كثيرا مما يختبئ في نفسه، ومما تتضمنه كلمات دعائه الخاصة «أسأل الله أن يكتب لي الفريضة، فهذه المرة الأولى التي أحج فيها ولي أبناء أسأل الله أن يبارك فيهم وأن يصلح الضال منهم وأن يعيده إلى الصواب، فأنا أب ومهما يكبر الابن يظل في نظري صغيرا أخشى عليه من خطئه وظلمه لنفسه». بينما يعبر الحاج علي البوعلي وهو خطيب وإمام مسجد، من الأحمدي بالكويت والذي كان يدعو الله بلهفة وعبرة وإلحاح في طلب الاستجابة «والله ليس لي دعوة خاصة إلا مغفرة الله وتقبله لعملي وصلاح نفسي، ودعائي الذي أتوجه به سرا وعلانية هو أن يصلح الله شأن المسلمين، وأن يوحد كلمتهم وأن يجمع صفهم وأن يعيد لنا مقدساتنا، وأن يحفظ علينا ديننا». ويضيف البوعلي «أحس ببهجة كبيرة وأنا أرى هذه الجموع التي تشعرني بعظمة الدين وأهله لكنني أحس بحسرة كبيرة لضعف الأمة وما هي فيه من أزمات». ومن تحت إحدى الخيام بعرفات يعكس محمد قحطان، من اليمن الكثير من المخبآت وما يعتلج في نفوس الحجيج وما تتضمنه دعواتهم وتعكسه من مشكلات الحياة وآلامها ومآسيها «رزقني الله ابنين لكنهما مريضان، وأحمد الله على ذلك، وإني أسأل الله أن يشفيهما وألا يتعبهما في هذه الدنيا، وأن يكتب لي وأمهما أجر صبرنا واحتسابنا وقيامنا على رعايتهما وتربيتهما والعناية بشؤونهما» .