من أقصى الشرق في الكرة الأرضية، وبالتحديد من إقليم شينغيانغ شمال غربي الصين، قدمت الحاجة عزيزة إلى المشاعر المقدسة بأطقم أسنان ذهبية، والتي أقسمت بأن لا تخرج من الصين قاصدة أم القرى مكةالمكرمة لأداء الحج من دونها، لكن قلة المال حالت من تركيب الأسنان الجديدة في الفك السفلي، والاكتفاء بطقم للعلوي فقط. وترى عزيزة أن الركن الخامس في الإسلام، والذي انتظرته طوال أيام حياتها التي تزيد على سبعة عقود، فرصة ثمينة حتى تكون قريبة من الله، لذا حرصت على أن تكون في أجمل صورة. وتروي عزيزة قصة قدومها إلى مكةالمكرمة لأداء الحج، بالقول «منذ صدور تصريح الحج لي خرجت دموعي فرحاً، وقررت أن أكون في أجمل حلتي إلا أن الحال المادية لي ولأسرتي منعتني من ذلك ما اضطرني إلى بيع بعض من قطيع الماشية ليتوافر لي المال رغم رفض قوي قابلته من أسرتي، ولكن إصراري على ذلك كان أقوى». وتنتظر الحاجة عزيزة، رغم فرحتها التي لا توصف بالمبيت في المشاعر المقدسة، على أحر من الجمر موعد لقائه مع أبنائها وأحفادها بعد عودتها، حتى تفي بوعدها لهم بتسجيل أحداث رحلة العمر لتصبح قصة يتناقلها أفراد الأسرة في ليالي السمر. ولم تتوقع الحاجة عزيزة أن رحلتها المنتظرة بحاجة إلى المشي، والكثير من المشي، إذ قطعت في يومها الأول نحو ثلاثة كيلو مترات من حي العزيزية قاطعة جسر الملك عبدالعزيز بسبب تعطل الحافلة التي كانت تقلها، معتبرة أن «هذا التعب في سبيل تقربي إلى الله يعتبر لذة بالنسبة لي». ورافقت «الحياة» عزيزة حتى وصلت إلى وجهتها مسجد (الكويت) في منى في آخر ليل التروية أول من أمس، حيث كادت أنفاسها تنقطع من شدة التعب، وبدأت تردد عقب وصولها «الحمد لله.. الحمد لله.. اليوم بدأت أشعر كأنني في أول أيام حياتي»، قالتها والدموع تغمر عينيها.