منذ النداء الأول بالحج عندما أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه السلام أن ينادي بالحج، وقصص معاناة جموع الحجيج وقوافلهم المنظمة تروى عاماً تلو آخر وتستذكر من خلالها الأجيال المتتابعة لحظات دخولهم مكةالمكرمة على ظهور الجمال والتي كانت تشكل أفضل وسيلة نقل في زمن لم يعرف قطار المشاعر ووسائل النقل الحديثة. وكان القائمون على تأمين قوافل الجمال الذين يعرفون ب «الجمالة»، ويتبعون لهيئة يطلق عليها (هيئة المخرجين)، وتتولى مسؤولية إحضار الجمال وتتبعهم هيئة أخرى تعرف ب «هيئة المقومين» ممن يقدرون حمولة الجمل. وبين زمن ولى كان فيه الحجاج لايجدون سوى وسيلتين لتنقلاتهم فقط هما السير على الأقدام من مكةالمكرمة للمشاعر المقدسة، أو استخدام الجمال لتستغرق رحلاتهم للوصول من المدينةالمنورة إلى مكة أكثر من خمسة أيام، بيد أنه لم يتبق سوى فئة من الحجاج المخالفين ممن لايحملون تصاريح حج، ويلجأون الى التسلل والسير على الأقدام لتخطي نقاط التفتيش الأمنية، وعهد جديد دخلت فيه خدمات الحج مرحلة جديدة بآليات ورؤية مستقبلية متطورة إذ بات لا يستغرق زمن وصول الحاج من المدينة إلى مكة أكثر من أربع ساعات فقط بوسيلة نقل حديثة ومريحة. وجاء قطار المشاعر ليكتب نهاية أبدية لمعاناة ضيوف الرحمن مع السير على الأقدام بعد أن وفر لجموع الحجيج فرصة التنقل بكل يسر وراحة من عرفات ومزدلفة نزولاً عند الجمرات في حركة ترددية آلية من دون سائق، وبسرعة 120 كيلو متراً في الساعة، وبقدرة استيعابية عالية تنقل 100 ألف حاج من عرفات إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى، لتسهم في تقليص وقت النفرة من عرفات إلى مزدلفة إلى 13 دقيقة فقط بعد أن كانت جموع الحجيج خصوصاً من كبار السن تحتاج إلى ما لا يقل عن سبع ساعات لقطع تلك المساحة. في حين بات بالإمكان نقل حوالى نصف مليون حاج خلال ست ساعات فقط، في طاقة استيعابية تُوصف أنها الأعلى في العالم، إضافة إلى تزويد المحطات بكافة وسائل السلامة وخدمات التبريد عن طريق ملطفات الجو.