تحاول ثريا جاهدة تغيير العادات الغذائية لأسرة زوجها، فتقدم أطباقاً مختلفة عن المألوفة لديها، وعلى رغم تقبل الأسرة ل «اختراعاتها»، إلاّ أنها لا تحظى بالتشجيع الكافي للاستمرار. ثريا المتحدّرة من محافظة عدن الجنوبية، شاء القدر أن تتزوج من شاب صنعاني، وتعيش مع أسرته في منزل العائلة، ما أضفى تغيرات جمّة على حياتها، طالت حتى نوعية الطعام الذي تتناوله، والذي يختلف كثيراً عمّا اعتادت عليه في بيت أسرتها. تقول الشابة الثلاثينية. «زوجي يتقبل التغيير في الأكل والملبس، وأحياناً يحدثني بلهجتي العدنية، لكن أسرته تقليدية إلى حدّ بعيد، بخاصة في ما تتناوله من طعام، ولأنني أعيش في المنزل العائلي لا بد من أن ألتزم تقاليدها وعاداتها، ومع ذلك أحاول التجديد قدر ما أستطيع». في العشاء الأول الذي قامت ثريا بتحضيره من مأكولات عدنية في اليوم المخصص لها لتولي شؤون المطبخ، أسوة بأخوات زوجها العازبات، وزوجات أخوته، وعلى رغم إقرارهم بتميُّز ما قدّمته، إلا انهم انتقدوا غياب أطباق اعتادوها على مائدتهم. وتقول: «ربما لم يكن من المناسب تقديم مائدة عدنية في بيت صنعاني». ومن المعتاد أن تشهد المائدة اليمنية بخاصة الصنعانية أطباقاً خاصة، وبعضها لا يظهر إلاّ في مناسبات خاصة كحلويات الجيلي والكريم كراميل والمهلبية والبسبوسة وبلح الشام وغيرها. وتنتقد ثريا المائدة «العامرة» و»الدسمة» في أحيان كثيرة، موضحة: «أرى أن عائلة زوجي تسرف في المقليات، وهذا له تأثير كبير على الصحة، لكن لا أحد يهتم هنا». وحده زوج ثريا يتقبل كل ما تطهوه من طعام ويشيد به، اختلاف تفسره العروس العدنية على أنه نابع من كونه عاش بعيداً عن عائلته أثناء دراسته خارج البلاد، ما جعل مزاجه الغذائي مرناً تجاه ما هو مختلف عن ما ألفه. وتضيف: «في عدن أطباقنا متنوعة وندخل مأكولات شامية ومصرية على مائدتنا، لكن أهل زوجي تقليديون ويحافظون على نسق معين في الطعام، وعلى رغم أني أحب الأكلات الصنعانية إلاّ أني أحن إلى أكلاتنا العدنية». وإن كانت ثريا شعرت ب «فارق» غذائي بعد أن انتقلت للعيش في محافظة يمنية أخرى، فإن سمية تركت أسرتها في قارة أخرى وأصبحت تعيش في اليمن بسبب زواجها من يمني. وسمية، سودانية الجنسية، ومع ذلك تأقلمت مع واقعها الجديد وتعلمت طهو المأكولات اليمنية، وتقول: «مرّت خمسة أعوام على زواجي، كان الأمر مختلفاً في البداية وصادماً لكني اعتدت عليه الآن وصرت أطبخ بنفسي الأطباق اليمنية». وعلى عكس زوج ثريا الذي يتقبل الأكلات المختلفة، فزوج سمية تقليدي ويحب الأكلات الخاصة ببلده، لكن ذلك لا يمنعها من المجازفة، وتقول: «الأطباق السودانية مقبولة لدى اليمنيين، وزوجي لا يرفضها على رغم أنه تقليدي، ولكنه يفضل اليمنية، ولكن ذلك لا يمنعني من المجازفة بإدخال أكلات سودانية إلى مائدتي، فأطفالي يحبونها وهو أيضاً». ولأنها تعيش في بيت منفصل، فذلك يمكّنها من تسيير أمور مطبخها بعيداً عن رقابة العائلة، لكنها تلتزم تماماً الأكلات والآداب اليمنية في تناول الأكل عندما تكون في بيت العائلة، وتقول:»لا بد من أن ألتزم عاداتهم الغذائية عندما أكون وأطفالي في بيت العائلة، وهذا يحدث كثيراً في المناسبات التي تبقينا لأيام في البيت الكبير».