توارثت الأجيال في منطقة جازان عادات وتقاليد وموروثات غدت مع الأيام ثقافة قائمة وحضارة تعبر عن المنطقة وترمز لخصوصيتها منها مأكولات شعبية اشتهرت بها المنطقة تتميز بنكهة وطعم خاص وجودة غذائية عالية، بسبب مكوناتها الطبيعية وطرق الطهي التقليدية المفضلة لدى أهالي المنطقة، فأصبحت تلك الأكلات مرتبطة بالحياة الجازانية بشكل شبه يومي، وتأتي "المرسة" في مقدمة الأكلات الشعبية بجازان فهي الطبق الرئيسي الدائم تقريبا أو الوجبة الغذائية اليومية للأهالي حيث يتم عجن أقراص الدقيق الأبيض أو الدخن أو الحنطة المطهي عادة في الميفا "التنور" مع الموز البلدي ذو الجودة العالية ومن ثم يضاف السمن والعسل حيث يتم تناولها مع السمك المالح أو الطازج و"الحلبة" وتشكل آنذاك تراثا جازانياً خالصاً حافظ على التواجد في بيوت جازان رغم تطور أنماط الحياة حتى أصبحت "المرسة" عنوانا لأكلات جازان، وما يميز المأكولات في جازان طرق طهيها وإعدادها بل وحتى تقديمها للضيوف التي تتم بطريقة تقليدية تعتمد حتى اليوم على الأنية الفخارية الأمنة صحياً وفي مقدمتها التنور أو ما تعارف أهالي المنطقة على تسميته بالميفا ما يجعل تلك المأكولات ذات نكهة فريدة تميزها عن بقية المأكولات التي تعد في آنية معدنية حتى وإن كانت نفس الوجبة أو قام بإعدادها نفس الطباخ. وتتفنن سيدات جازان في إعداد المأكولات لأفراد عائلتها وضيوف الأسرة ويحرص رب المنزل على تقديمها لضيوفه دوماً بنكهة متميزة، فاللحم يقدم أما حنيذاً أو مطبوخاً في "المغش" ذلك الإناء الحجري المصنوع على شكل قدر صغير أو متوسط الحجم الذي يمزج فيه اللحم أو السمك طبخاً مع الخضروات إضافة للبهارات التي تضفي نكهة إضافية ورائحة زكية لتلك الوجبات. إن علاقة المطبخ والسيدات وقصة المأكولات الجازانية العتيقة ذات التاريخ العريق لم تنتهي مع الفخار في إعداد الوجبات التي أشرنا إليها بل هناك الكثير والكثير من الوجبات لعل من أبرزها وأشهرها "الحيسية" المصنوعة من الفخار أيضاً. ويحرص أهالي جازان على تمسكهم بتقاليدهم وموروثاتهم الشعبية، فالمأكولات الجازانية لا تغيب عن المنزل في جازان يوماً واحداً ولن تضمحل وتنتهي مع الزمن والتقدم ودخول الوجبات السريعة والحديثة بل ستضل تقدم على موائد الأسر في المنطقة.