هذا ليس نداء شخصياً. فبعد تصريح بلانتو رسام الكاريكاتير في جريدة «لوموند» عن افتقاده ساركوزي، ها هم أصحاب الدمى الساخرة «غينيول»، «كركوز» الأخبار على قناة «كانال بلوس» الفرنسية يعبّرون عن «اضطرابهم الشديد» بسبب غياب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عن مسرح الأحداث. لندع ما يسود الساحة الإعلامية الفرنسية من توقيف مجموعة من الارهابيين، «صنع في فرنسا»، كما يحلو للإعلام أن يصفهم، على أساس أنهم فرنسيون ولدوا في فرنسا ولم يأتوها مهاجرين. ولننصرف إلى موضوع أقل مأسوية وهو «معاناة» برامج الفكاهة وروادها في فرنسا من «عدم إعادة انتخاب ساركوزي رئيساً للجمهورية». ولا يعود السبب، بالتأكيد، إلى افتقادهم لسياسته بل لشخصه. يعتبر هؤلاء أن ساركوزي شخصية مثالية في صلاحيتها للكاريكاتير وتلقي سهام سخريتهم اللاذعة. ويعود ذلك إلى ما يرون في أسلوبه من استعراض ومن حب للظهور الإعلامي، لا سيما في بداية حكمه، كما لتصريحاته المثيرة للجدل ومواقفه المستفزة من البعض وعلاقته... وفي فرنسا التي تشتهر ببرامج تلفزيونية تعتمد النقد الهازئ لما يجري على الساحة الفرنسية والعالمية، يعتبر «الغينيول» الذي يبث على «كانال بلوس» أشهرها وأكثرها متابعة من 24 سنة، حيث تقوم دمى متحركة تمثل كل منها شخصيات مشهورة، بالتعليق يومياً على أهم الأحداث بأسلوب شديد السخرية. كانت تلك لا تحتار كثيراً أيام حكم ساركوزي في إيجاد موضوعاتها، فليس أكثر من المواقف التي كانت مناسبة برأيهم لتقديم مشاهد مضحكة. أما اليوم... فمع الرئيس الفرنسي هولاند ورئيس حكومته إيرولت، فلا مكان سوى للملل والتثاؤب. لذلك ألّف الغينيول من ايام اسكتشاً غنائياً أبطاله دمى من مشاهير الإعلام والصحافة الفرنسيين وهم يتباكون على ساركوزي ويقترحون مهاتفته لدعوته للعودة، ويندبون الحظ مع سياسيين حاليين «لا رأي لهم»، ونسب مشاهدة «كارثية» للبرامج الإخبارية... فالسياسيون الحاكمون اليوم يشعرونهم بالسأم القاتل. وعلى رغم أن البرنامج، كغيره، يسخر من أداء رئيس الوزراء وتصريحاته «العادية»، ومن الدور الجدي الذي يرسمه الرئيس لنفسه تماشياً ربما مع الوضع الصعب الذي تعيشه فرنسا، وهذا على رغم ما عرف عنه من روح النكتة والفكاهة سابقاً، فإن هذا النقد لا يتجاوز لحظات معدودة، ما يدفع بعض المشاهدين للتساؤل إن كان ذلك ناجماً حقاً عن عدم صلاحية الحكام الحاليين مادة «للهزء» أو افتقادهم الشخصية الكاريزماتية التي تستهوي الجماهير، أم لكونهم اشتراكيين؟ إذ من المعروف أن الصحافيين يتهمون بمحاباة اليسار وكانت علاقتهم مع الرئيس الفرنسي السابق متوترة ومجالاً خصباً للتعليقات، ثم جاءت الانتخابات الرئاسية الاخيرة لتبين أن 74 في المئة من الصحافيين والإعلاميين صوّتوا لهولاند في الدورة الثانية، ومع هذا يؤكد 90 في المئة منهم أنهم «مستقلون» حين يتعلق الأمر بمزاولة المهنة.