ووري عصر أمس جثمان الشاذلي بن جديد، ثالث رئيس للجمهورية الجزائرية، الثرى بمربع الشهداء في مقبرة العالية في العاصمة في جنازة شاركت فيها وفود رسمية مغاربية قدمت العزاء للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وعائلة الفقيد. كما أدت جموع من الجزائريين التحية لموكب الرئيس السابق على مسافة عشرة كيلومترات بين قصر الشعب والمقبرة. ورافق بوتفليقة الموكب الرسمي للجنازة عبر شوارع العاصمة، ما فُهم بأنه إشارة تكريم لبن جديد (83 سنة) مثلما فعل في جنازة أول رئيس لجمهورية الجزائر، أحمد بن بلة الذي توفي في نيسان (أبريل) الماضي. وشاركت وفود مغاربية وعربية في الجنازة، ووقف وزير الشؤون الخارجية المغربي سعد الدين العثماني إلى يسار الرئيس بوتفليقة مباشرة ووقف بينهما رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح. ورافق العثماني إلى الجنازة وزير الأوقاف المغربي أحمد توفيق ومستشار الملك عمر عزيمان. ولم يكن محمد عبدالعزيز الأمين العام لجبهة «بوليساريو» بعيداً عن الوفد المغربي إذ وقف خلف بوتفليقة إلى يمين رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. وحضر من تونس وزير الشؤون الخارجية رفيق عبدالسلام ووزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي ورئيس أركان الجيش رشيد عمار ومدير الديوان الرئاسي عماد الدايمي. وقال عبدالسلام إن «المرحوم الشاذلي بن جديد شخصية كبيرة تركت بصماتها في الحياة السياسية الجزائرية وفي الفضاء المغاربي». وأضاف: «جئنا والوفد التونسي لتقديم التعازي لعائلة الفقيد وللشعب الجزائري في هذا الرجل العظيم الذي ستذكره الأجيال الحاضرة والقادمة». وحضر من موريتانيا وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي أحمد ولد نيني. وشارك وزير الشؤون الدينية المصري طلعت سالم في تشييع جثمان بن جديد. ومن قطر حضر نجل أمير الدولة الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني. كما شارك في الجنازة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية عباس زكي. كما حضر ممثلون للعديد من الدول العربية. وقدّمت الوفود العزاء لثلاثة من أبناء الرئيس الراحل، بينهم توفيق بن جديد نجل الزوجة الأولى لبن جديد. وقرأ وزير المجاهدين محمد شريف عباس كلمة تأبينية ذكر فيها أن الراحل يعد «جزءاً من تاريخ الأمة الجزائرية ساهم بما أوتي من عزم في صناعة جزء من حقبتها التاريخية». وأعادت الجنازة كثيراً من الوجوه السياسية إلى الواجهة بعد عشرين عاماً من الغياب، مثلما فتحت الوفاة نقاشاً قديماً - جديداً حول «استقالته» الشهيرة أو دفعه إلى التنحي غداة فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بغالبية مقاعد البرلمان في تشريعيات كانون الأول (ديسمبر) 1991. وقال رئيس حكومته في تلك الفترة مولود حمروش إن بن جديد «قرر التضحية في الكثير من الأحيان لتحرير البلاد من مختلف العقبات التي عرفتها». كما بدا وزير الدفاع السابق خالد نزار محط أنظار في جنازة بن جديد علماً أنه أكد في شهاداته أن «الشاذلي استقال بمحض إرادته». كما ظهر في الجنازة الوزير السابق لحقوق الإنسان علي هارون الذي أصبح لاحقاً عضواً «مدنياً» في المجلس الأعلى للدولة في فترة الرئيس الراحل محمد بوضياف (1992).