توقع خبراء أن تشهد أسواق العقارات في دبي تحولاً كبيراً خلال السنوات القليلة المقبلة، مع زيادة التركيز على الصناعات الخفيفة واللوجيستيات، علماً ان الإمارة تعتبر في طليعة سوق العقارات الصناعية في المنطقة. وتقدر المساحة الصناعية الإجمالية في دبي ب65 مليون متر مربع، منها سوقان متميزتان تضمان مناطق حرّة توفران حرية التملك، تشكلان نحو 27.5 مليون متر مربع من مساحتها الإجمالية. وتحتضن الامارة 12 منطقة صناعية، وتطور واحدة من بين أكبر المناطق الصناعية في المنطقة تمتد على مساحة 500 مليون متر مربع، هي «مدينة دبي الصناعية»، التي شيّدت بالقرب من مطار آل مكتوم الدولي. وأكد المدير التنفيذي لمدينة دبي الصناعية عبدالله بلهولفي تصريح الى «الحياة» ان الصناعات الخفيفة والمتوسطة ساهمت خلال العام الحالي بنحو 14 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي لدبي، وتعمل الحكومة على زيادة مساهمة القطاع إلى 25 في المئة من الناتج بعد خمس سنوات. وتعتبر الصناعات الخفيفة والمتوسطة ثاني أكبر مساهم في اقتصاد الامارات، بعد النفط. ولم ينكر بلهول ان قطاعي الصناعة واللوجستيات ساعدا، بالاضافة الى التجارة والسياحة، على انقاذ الامارة من تداعيات الازمة المالية العالمية خلال السنوات الاربع الماضية، علماً ان هذا القطاع لم يشهد المستوى نفسه من النشاط الذي يعتمد على المضاربة في السوق العقارية الفندقية والتجارية والسكنية. ولفت إلى ان زيادة حجم التجارة، يشكل عنصراً مكملاً لجهود الحكومة في تنويع القاعدة الاقتصادية، إضافة الى انتقال استثمارات صناعية الى دبي خلال الازمة المالية العالمية، لا سيما من الدول التي تأثرت بزيادة الضرائب في اوروبا، مثل الهند. وتراهن حكومة دبي في دعمها للقطاع على دراسات دولية حديثة اكدت أن قطاع الصناعات الخفيفة واللوجيستيات، سيكون من بين أفضل القطاعات أداءً في السوق العقارية في دبي، وفي منطقة الخليج ككل. وقدّر خبراء قيمة الاستثمارات الصناعية الخليجية بتريليون دولار بحلول عام 2020، في مقابل 323 بليوناً حالياً، بخاصة بعد انتهاء دول الخليج من تجهيز المدن الصناعية التي تشيدها. وأشار تقرير لمؤسسة «جونز لانغ لاسال»، الى ان الطلب المتوقع على القطاع الصناعي ستدعمه الاستثمارات المتواصلة في البنية التحتية للنقل، منها الموانئ والمطارات ومبادرات السكك الحديد المهمة، لا سيما في أرجاء دول الخليج. وأوضح أن مشاريع مثل مطار آل مكتوم الدولي في دبي ومنطقة خليفة الصناعية في أبو ظبي وميناء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية السعودي، سيكون لها تأثير كبير على المشهد الصناعي في المنطقة. وأكد بلهول ان مدينة دبي الصناعية ستستوعب 520 منشأة صناعية، إضافة الى منشآت خاصة بالامداد والتخزين، في مطار آل مكتوم وميناء جبل علي وأبو ظبي. وتبلغ كلفة المدينة نحو 20 بليون دولار، انتهت حكومة دبي من تشييد المرحلة الاولى منها، بكلفة 4 بلايين دولار، وتنشط فيها 20 منشأة صناعية، بينها ستة مصانع سعودية للأغذية والألبان والصباغة، وشركات هندية وعالمية للكيماويات والألياف الضوئية. وتوقع ان تستقطب 50 منشأة أخرى محلية واقليمية في نهاية العام المقبل. وتتيح المدينة للشركات تعزيز كفاءة عملياتها عبر حلول متكاملة تلبي مستلزماتها العقارية تحت مظلة واحدة، وتتيح للمصنّعين الوصول إلى أسواق منطقة الخليج وشمال أفريقيا من دون أي رسوم، والاستفادة من اتفاقات التجارة الحرّة النافذة للإمارات. وهذه الحوافز التي تحصل عليها الشركات في المدينة غير متوافرة للشركات العاملة في المناطق الأخرى، مثل الإعفاء من الرسوم الجمركية على الواردات من الآليات والتجهيزات والمواد الأولية وإعفاء ضريبي على دخل الأفراد أو الشركات، وإلغاء القيود على نقل الأرباح ورأس المال. ويتمتع المستثمر الخليجي بحقوق المواطن الإماراتي ذاتها في تملك مشروعه في المدينة. ومن المصانع العاملة فيها مصنع «شعفار» للحديد والصلب، الذي تصل طاقته الانتاجية الى 400 ألف طن سنوياً، ويصدر إنتاجه الى كل دول الخليج وروسيا وافريقيا وباكستان، ويشغّل 1200 عامل.