نجح شيوخ الدعوة السلفية في مصر في السيطرة على الخلافات التي تفجرت داخل حزب «النور» السلفي أخيراً، وتمكنوا من التوصل إلى «حل وسط» ينهي الأزمة ولو موقتاً، عبر إحالة الأمر برمته على الجمعية العمومية للحزب لقول الكلمة الفصل. وكان مجلس أمناء الدعوة السلفية اجتمع مع طرفي النزاع داخل الحزب قبل عقد اجتماع مشترك بينهم اتُفق فيه على بنود الحل. وكانت أزمة تفجرت في الحزب الوليد مع بدء إجراء أول انتخابات داخلية فيه، إذ أصدر رئيس الحزب الدكتور عماد عبدالغفور قراراً بإرجاء الانتخابات وإلغاء نتائج ما تم منها، وهو ما رفضته غالبية أعضاء الهيئة العليا للحزب وتمسكوا باستمرارها وأخطروا لجنة شؤون الأحزاب بنتائجها ومن ضمنها اختيار السيد مصطفى خليفة قائماً بأعمال رئيس الحزب، فما كان من عبد الغفور إلا أن فصل أعضاء الهيئة العليا للحزب وأرسل للجنة شؤون الأحزاب قائمة بأسماء أعضاء الهيئة الجدد. ووصل الخلاف إلى تبادل الشكاوى والقرارات أمام لجنة شؤون الأحزاب التي حددت اليوم موعداً للفصل فيه، لكن الاتفاق الذي تم برعاية شيوخ «الدعوة السلفية»، المرجعية الدينية للحزب، قطع الطريق أمام فضل اللجنة في هذا الأمر. وأعلنت الهيئة العليا للحزب في بيان الاتفاق على حل جميع المشاكل التي عصفت بالحزب في الآونة الأخيرة، بعودة عبدالغفور إلى رئاسة الحزب، وتنازل خليفة عما تم تكليفه به من قبل اجتماع الهيئة العليا رئاسة الحزب موقتاً إلى حين انعقاد الجمعية العمومية الخميس المقبل. وذكر البيان الذي أعلنه الناطق باسم الحزب نادر بكار عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر» أنه تم الاتفاق على استكمال انتخابات الحزب الداخلية حسب الجدول الزمني المحدد سلفاً، على أن تفصل لجنة الشيوخ في الحزب في كل الشكاوى التي تقدم إليها في شأن الانتخابات. وأكد بكار أنه لا يزال مستمراً في تأدية ما كلفته به الهيئة العليا من التحدث باسم حزب النور، وذلك بعد أن كان عبدالغفور قرر قصر التحدث باسم الحزب على كل من يسري حماد ومحمد نور. ورأس عبدالغفور اجتماعاً للهيئة العليا للحزب أمس انتهى إلى قبول اعتذار خليفة عن القيام بمهمة رئيس الحزب وعودة عبدالغفور لمنصبه «انتظاراً لما ستسفر عنه نتيجة انعقاد الجمعية العمومية الأولى»، وأيضاً الاستمرار في إجراء الانتخابات التي أقرتها الهيئة العليا ومجلس الشيوخ والانتهاء منها وفق الجدول المقرر وأخيراً سحب القرارات المتعارضة بين الهيئة العليا والدكتور عماد عبدالغفور بتوسيع الهيئة العليا ومجلس الشيوخ وإثبات ذلك رسمياً في لجنة شؤون الأحزاب وإنهاء المشكلة بين الطرفين بحضور الممثلين القانونيين لهما. وقال مصطفى خليفة ل «الحياة» إنه قبل ما انتهت إليه وساطة شيوخ الدعوة السلفية حفاظاً على تماسك الحزب، مشيراً إلى أن ممثله القانوني سيسحب اليوم القرارات التي صدرت عن الهيئة العليا برئاسته. وقال القيادي في الحزب طلعت مرزوق، وهو من المحسوبين على جبهة عبدالغفور، ل «الحياة» إن هذا الاتفاق جيد جداً ومرض لكل الأطراف، منوهاً بقدرة شيوخ الدعوة السلفية على السيطرة على الخلافات داخل الحزب. وأوضح أن الجمعية العمومية للحزب ستبحث في كل الخلافات التي تمت في الآونة الأخيرة وعلى رأسها استمرار عبدالغفور رئيساً أو تكليف خليفة برئاسة الحزب موقتاً، لكنه اعتبر أن هناك اتجاهاً قوياً داخل الجمعية العمومية لاستمرار عبدالغفور. ولفت إلى أن نتائج الانتخابات التي أجريت في محافظات عدة وقت تفجر الأزمة ستكون معروضة أيضاً على جدول أعمال الجمعية العمومية وإن كان الاتفاق يقضي باعتماد النتائج لكل المناصب من دون منصب أمين عام المحافظة على أن تستكمل بقية مراحل الانتخابات في موعدها لاختيار هيئة عليا ورؤساء اللجان والمجلس الرئاسي والرئيس. وتتشكل الجمعية العمومية للحزب من 5 مندوبين من مؤتمر الحزب في كل محافظة على أن يكون من بينهم أمين المحافظة ووكيلا المحافظة الأول والثاني، إضافة إلى الأعضاء الدائمين باللجان المتخصصة على مستوى الحزب، والمحافظين من أعضاء الحزب ورؤساء المجالس المحلية الشعبية والمجالس المحلية في المحافظات، وأعضاء الهيئة البرلمانية للحزب، وأعضاء الحزب السابقين في غرفتي البرلمان، و50 من الأعضاء المؤسسين، وأمين عام المحافظات. وبدا أن شيوخ الدعوة السلفية أرادوا الوقوف على مسافة وسط بين طرفي النزاع، إذ ثبتوا عبدالغفور رئيساً للحزب إرضاء لجبهته، ولكن لفترة قصيرة حتى تفصل الجمعية العمومية يوم الخميس في استمراره أو تكليف خليفة بالرئاسة الموقتة أو حتى تكليف شخصية ثالثة بالمنصب، وفي ذات الوقت لبوا رغبة جبهة خليفة بأن أقروا بغالبية نتائج الانتخابات الداخلية الأخيرة في الحزب التي ألغاها عبدالغفور، وتقرر استكمال بقية مراحل الانتخابات بدلاً من إرجائها حتى انتهاء الانتخابات البرلمانية المقبلة، كما كان يرجو عبدالغفور. وعكس الاتفاق مدى النفوذ الذي يحظى به شيوخ الدعوة السلفية داخل الحزب وقدرتهم على إدارة الأمور والسيطرة على الخلافات داخله. واعتبر السيد خليفة أن حل الخلاف بوساطة شيوخ الدعوة لا يدل على طغيان نفوذ رجال الدين داخل الحزب. وقال ل «الحياة»: «حين يكون هناك نزاع بين طرفين، عادة ما تتدخل شخصيات يرتضيها الطرفان لحل الأزمة، ولا بد أن يقبل الطرفان هذه الوساطة التي يكون هدفها الأول والأخير تقريب وجهات النظر»، مضيفاً: «لو كان لرجال الدين الكلمة الفصل لقالوها من البداية، ولو أن الموضوع مجرد أمر يمليه الشيوخ لما كان النزاع وصل إلى لجنة شؤون الأحزاب».