وضعت الخلافات المتفجرة بين جبهتين تتنازعان رئاسة حزب «النور» السلفي في مصر، القيادات الدينية لجماعة «الدعوة السلفية» التي تعد المرجعية الدينية للحزب، أمام اختبار صعب بعد أن اقتربت مساعي الدعاة للسيطرة على هذه الخلافات من الفشل في ظل تمسك الجبهتين بصحة موقفهما القانوني. وكانت أزمة تفجرت في الحزب الوليد مع بدء إجراء أول انتخابات داخلية فيه، إذ أصدر رئيس الحزب عماد عبدالغفور قراراً بإرجاء الانتخابات وإلغاء نتائج ما تم منها، وهو ما رفضته غالبية أعضاء الهيئة العليا للحزب وتمسكت باستمرارها وأخطرت لجنة شؤون الأحزاب بنتائجها ومن ضمنها اختيار السيد مصطفى خليفة قائماً بأعمال رئيس الحزب، فما كان من عبدالغفور إلا أن فصل أعضاء الهيئة العليا للحزب وأرسل إلى لجنة شؤون الأحزاب قائمة بأسماء أعضاء الهيئة الجدد. وبات الخلاف مطروحاً أمام لجنة شؤون الأحزاب التي ستكون مدعوة للفصل فيه غداً. وبدا أن الخلافات داخل الحزب انعكست على «الدعوة السلفية» نفسها، إذ جاهر دعاة كبار بالانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك، فأيد نائب رئيس مجلس إدارة الجماعة ياسر البرهامي جبهة خليفة، فيما أبدى سعيد عبدالعظيم وأحمد فريد تعاطفاً مع مبررات عبدالغفور. وقالت مصادر وثيقة الصلة بهذا الملف ل «الحياة» إن الخلافات داخل الحزب دفعت عدداً من قيادات «الدعوة السلفية» إلى الدعوة إلى اعتزال العمل السياسي كي لا تنعكس هذه الانقسامات على الجماعة، لكن المصادر أوضحت أن «هذه الأصوات تأثرت بالغضب من التراشق الإعلامي بين الطرفين، وأن الرأي الغالب داخل الدعوة هو أن الاشتغال بالسياسية خيار لا بد منه في هذه المرحلة وأن الأفضل هو حسن إدارة الخلاف». واجتمع مجلس إدارة «الدعوة السلفية» في مختلف المحافظات واتخذ قراراً بتشكيل للجنة للوساطة بين الطرفين تضم الداعية شريف الهواري والداعية سعيد حماد. وعُلم أن الداعية البارز في الدعوة السلفية محمد إسماعيل المقدم انضم إلى هذه الجهود وأن اللجنة التقت عبدالغفور، تمهيداً للقاء جبهة خليفة. وفرض أطراف الأزمة طوقاً من السرية على هذه الجهود على اعتبار أن قطاعاً في الدعوة السلفية يرى أن الإعلام كان أحد أسباب الأزمة وأن التراشق الإعلامي «حوَّل الخلاف إلى عداء خصوصاً بعد تسريب أنباء عن لقاء أقطاب في الدعوة والحزب المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق»، بحسب تأكيد مصادر تحدثت إليها «الحياة». وشرحت المصادر أن «جهود لجنة الوساطة ليس الهدف منها في هذه المرحلة الفصل في الأمر أو إعلان صحة موقف طرف ضد الآخر، ولكن فقط السيطرة على إدارة هذا الخلاف والتوصل إلى آلية يرتضيها الطرفان لحله، يمكن أن تكون مثلاً تشكيل لجنة قانونية من خارج الحزب تضم شيوخ القانون لتفسير اللائحة الداخلية للحزب على أن يرضى الطرفان بتفسير هذه اللجنة بعد الاتفاق على أعضائها بالتراضي». ولم تخف المصادر تخوفاً من فشل هذه المساعي في ظل تمسك كلا الطرفين بصحة موقفه القانوني. وقالت: «يبدو أن حظوظهم (قيادات الدعوة السلفية) ضعيفة، والصراع سيستمر وقد يؤدي إلى انقسام الحزب بعد انشقاقات داخلية». وأقرت المصادر التي تحفظت عن ذكر تفاصيل أكثر عن الوساطة، باختلاف في الرأي بين أمناء «الدعوة السلفية»، لكنها رفضت وصفها بأنها «انقسامات». وقالت: «أقصى ما يمكن أن تفعله الدعوة هو اجتماع مجلس شورى الجماعة الذي يضم أعضاء مجلس الإدارة كافة في مختلف المحافظات واتخاذ قرار بالسير في جهود الوساطة... مجلس الشورى لن يتخذ قراراً بمناصرة جبهة ضد أخرى، لأن هذا يعد تدخلاً مباشراً في شؤون الحزب فضلاً عن مخاطر الانقسام داخل الدعوة السلفية نفسها».