حرص الرئيس اللبناني ميشال سليمان على طمأنة الخائفين على لبنان بتأكيده ان «مستقبله افضل بكثير من ماضيه، وأنه لا يزال مستشفى الشرق الاوسط وجامعته»، واصفاً «السياسات المحلية» ب«السخيفة»، وحض الأرجنتينيين من اصل لبناني على «ألا يدعوا هذه السياسات تثير الانقسام بينهم، وأن يحافظوا على الروابط مع الأشقاء العرب جميعاً لأنهم يمدونهم بالقوة، وتحديداً مع الاخوة السوريين الذين يشاطرونهم الوجود في هذه الدول». وجدد سليمان القول امام الجالية اللبنانية في الارجنتين خلال مأدبة عشاء أقامها على شرفه السفير اللبناني هشام حمدان: «كلنا نعلم مدى القلق الذي يعتريكم بالنسبة الى لبنان في ظل الظروف التي تمر بها الدول العربية، وخصوصاً مع وصول الصور البشعة عن الوضع في البلد الذي تحبون، وأُطمئنكم الى ان الوضع الذي تشهده الدول العربية والتحول نحو الديموقراطية يصب لمصلحة لبنان في المستقبل، وما رأيتموه من صور بشعة في الفترة الاخيرة عن لبنان، انتهى والوضع عاد الى طبيعته، وشهدتم جميعاً الزيارة الأخيرة للبابا للبنان، وأثبت اللبنانيون جميعاً بالتفافهم حول الحبر الاعظم، ان لبنان دولة يمكنها ان تستقبل محبيها بالشكل الذي استقبلت به قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر». وأكد ان «لا خوف على لبنان الذي هزم اسرائيل والارهاب». وذكر سليمان بقرار إشراك المغتربين في الانتخابات النيابية المقبلة ودعاهم الى تسجيل اسمائهم في السفارة ليحق لهم التصويت، مطمئناً الى ان لبنان «استعاد استقراره الامني بقواه الذاتية من قوى امن وجيش، وتعمل الدولة والحكومة على تعزيز هذه القوى لتمارس مهماتها على كل الاراضي اللبنانية من دون الحاجة الى اي مساعدة». دكتوراه فخرية وزار سليمان مركز بورخيس الثقافي ترافقه زوجته وفاء والوفد المرافق وتسلم دكتوراه فخرية من جامعة 3 شباط (فبراير) في بيونس أيريس. واستقبله نائب وزير الخارجية ادواردو زوين، ورئيس الجامعة انيبال خزامي. وأعلن زوين وهو من اصل لبناني في كلمة ان «عدد المتحدرين من اصل لبناني اكثر من مليون ونصف المليون في الارجنتين، والعلاقة الوطيدة جداً بين لبنان والارجنتين شجعتنا على العمل المشترك في المحافل الدولية والاقليمية». وقال: «الارجنتين تشارك قلق حكومة لبنان حيال الازمة والنزاع في الشرق الاوسط، وتطالب بالحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين من اجل حل ازمة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وترغب في تحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الاوسط بما يضمن تطلعات الفلسطينيين وكذلك الاسرائيليين ضمن اطار احترام قرارات الشرعية الدولية ومبادئ الحق الدولي. والارجنتين اعترفت في 2011 بالدولة الفلسطينية دولة سيدة وحرة. وهذا القرار عبّر عن ارادتنا في العمل من اجل تحقيق السلام وإنهاء النزاع الذي لا يمكن انهاؤه إلا عبر السلام والعدالة». واعتبر خزامي ان تكريم سليمان مرده الى انه «خلال سنوات من ممارسة الحكم يحترم التنوع ويسعى الى تحقيق التوازن السياسي في بلد يضم الكثير من الاديان والطوائف». وتحدث سليمان عن لبنان «اقدم ديموقراطية في الشرق الذي تعيش على ارضه ثماني عشرة طائفة تتشارك في السلطة على قاعدة ميثاقية وتوافقية حصنها اتفاق الطائف وشكل مظلة امان حمت الوطن من تداعيات وانعكاسات ما يحصل حولنا من تحولات ديموقراطية نأمل ان تتم بعيداً من العنف ووفقاً لما ترتضيه شعوب هذه الدول». واذ دعا الى «اعتماد النموذج اللبناني في هذه الدول التي تشهد التحولات الى الديموقراطية»، شدد على ان الديموقراطية «لا يسعها إلا ان تكون تشاركية ولا تسمح بالوقوع في شرك أي تطرف او انكفاء». نزع السلاح وكان سليمان اكد قبل ذلك، في خلال لقاء مع ممثلي الصحافة الارجنتينية في بوينس آيريس «وجوب عدم الخلط بين سلاح «حزب الله» وسلاح المقاومة. فسلاح المقاومة يندرج في اطار استراتيجية دفاعية نقوم بتحضيرها في هيئة الحوار، ويستعمل فقط للدفاع عن لبنان ضد اي اعتداء اسرائيلي، وفقط لدعم الجيش اللبناني وفقاً لقرار السلطة السياسية، اما السلاح الذي يشهر في الداخل اللبناني فممنوع ويجب نزعه أكان ل «حزب الله» أم للسلفيين او غيرهم. ونحن نعمل في هذا الاتجاه، ولكننا لم نصل بعد الى تحقيقه، وهذا الموضوع أُدرج ايضاً على طاولة الحوار، اي نزع السلاح المنتشر في الداخل، على ان تكون المرحلة الاولى تجميد استعماله تمهيداً لنزعه في مرحلة ثانية». وأكد ان «ليس هدف سورية خلق بلبلة في لبنان وهي بالكاد تعالج مشاكلها حالياً، وعلينا منع انتقال تداعيات الازمة السورية الى لبنان، من خلال اعتماد موقف الحياد الذي اتخذناه في هيئة الحوار الوطني بالنسبة الى التعاطي مع الازمة السورية والاحداث التي تشهدها المنطقة بشكل عام، ويقوم على عدم السماح بجعل لبنان مركزاً لانطلاق عمليات ضد سورية او لتدريب عناصر او اقامة قواعد عسكرية او استراتيجية من اجل الصراع السوري. وكما هو مطلوب من القوى الامنية اللبنانية منع اقامة مثل هذه القواعد، فعلى القوى السورية ايضاً ان تمنع ارسال السلاح الى لبنان او قطع اشجار في البساتين كما حصل اليوم، او نسف بعض المنازل القريبة من الحدود، وتحاشي الدخول الى الاراضي اللبنانية. ولا شك في ان الطريقة الافضل لمعالجة الازمة السورية هي وقف العنف في سورية واعتماد السوريين مبدأ الحوار لما فيه مصلحتهم جميعاً». وشدد على «ان لا وجود لمنظمات مسلحة تعمل من لبنان ضد سورية، ولكن ما يحصل على الحدود القريبة والمتداخلة، حصول خرق من الجهة السورية أكان من «الجيش الحر» او الجيش النظامي. وكلف الجيش اللبناني توقيف اي شخص يحمل السلاح على الاراضي اللبنانية ويهدف لمحاربة سورية». وجدد رفضه المطلق اي تدخل عسكري في سورية، معتبراً انه «اذا كان هناك حل يتطلب ارسال قوات عربية، فهذا يتم بالتفاهم مع السوريين ويمكن لبنان ان يساهم في حل سياسي واذا احتاج الحل الى مساعدة عربية، فهذا ممكن». وعن التصريحات الاخيرة للأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله، اعتبر سليمان ان «التهديدات الاسرائيلية اسلوب تستعمله، ومن قال ان لبنان سيعتدي على اسرائيل؟ اما اذا اعتدت على لبنان فستتحمل المسؤولية». كما زار سليمان مجلس الشيوخ الأرجنتيني، والتقى نائب الرئيسة الأرجنتينية رئيس مجلس الشيوخ امادو بودو، ونواباً ارجنتينيين من اصل لبناني، والتقى حاكم ولاية بيونس آيريس دانيال سيولي، كما التقى السلك الديبلوماسي العربي المعتمد في الارجنتين برئاسة عميده السفير الكويتي سعود الرامي. وشدد سليمان على اهمية «الحوار حيث البشرية تمر اليوم بصراع قوي بين الانعزال والانفتاح، ولا بد من ان ينتصر الانفتاح»، مشيراً الى «ان الدول والطوائف التي ستنغلق على نفسها لن يكتب لها التقدم، لكن على هذا الامر ان يترافق مع العدالة الاجتماعية وإصلاح الانظمة لتحقيق العدالة، اذ لا يجوز الكلام عن ديموقراطية ولا يعطى لفلسطين الحق بالعضوية الكاملة في الاممالمتحدة». وسأل عن كيفية تمكن الدول العربية من التحول الى الديموقراطية «علماً ان هذا ما نريده في لبنان ونأمل بتحقيقه، ولا يعطى الفلسطينيون حقهم في اقامة دولتهم والعودة الى ارضهم التي هجروا منها. ان هذا ضد الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، وقد يدفع بعض الانظمة الجديدة في الدول العربية التي حلت مكان الانظمة القديمة الى التطرف مجدداً، فنعود للوقوع في مشكلة الانعزال والتطرف وعدم الانفتاح».