في باحة مدرسة في طرابلس شمال لبنان يتجمع حشد من الاطفال للحصول على أعلام الثورة السورية قبل دخول المدرسة في عودة الى عام دراسي ليس كسابقاته. وسط الضجيج قال سيف المحمد الفتى في التاسعة من حمص وسط سورية التي فر منها في اواخر 2011 «انا سعيد بالعودة الى المدرسة، لن اسمع القنابل ولا الرصاص». كانوا حوالى 1500 طفل من الاثرياء والفقراء من درعا (جنوب) وحمص وحلب (شمال) وبدأوا دراستهم الابتدائية في مطلع الاسبوع في لبنان. لاحقاً سينضم اليهم مواطنوهم من الصفوف العليا الموزعون على عشر مدارس لبنانية في شمال البلاد المتاخم لسورية. سبع من تلك المؤسسات تابعة لمدارس الايمان الاسلامي المنتمية إلى الجماعة الاسلامية السنية القريبة من الاخوان المسلمين في سورية والتي تدير مدارس ومستشفيات في لبنان وتعرف بدعمها للمعارضة السورية. وقال المشرف على هذه المؤسسات الخاصة غسان حبلص لفرانس برس: «سيكون التعليم مجانياً وسنخصص راتباً شهرياً بقيمة 600 دولار لكل من المدرّسين السوريين». وتابع ان «الاموال التي وعدت بها مؤسسات خيرية من الخليج» ستضاف الى موارد الجماعة الاسلامية الناشطة جداً في مساعدة اللاجئين السوريين. وأعربت خديجة التي تبلغ 45 عاماً وفرت العام 2011 من درعا مهد الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الاسد عن ارتياحها، وقالت: «بحكم الواقع اضطر اولادي الثلاثة في الابتدائي الى اعادة صفهم، ولم اكن املك المال لتسجيلهم في مدرسة لبنانية. اليوم بات لديهم امكان لمتابعة دروسهم». على الطريق المؤدية الى المدرسة تختلط سيارات العائلات الثرية بالسوريين الاكثر تواضعاً الذين يسيرون وخلفهم اولادهم تحت الامطار الاولى لتشرين الاول (اكتوبر). عدد كبير من الاطفال فاتهم العام الدراسي الفائت بسبب انعدام الموارد والمدرسين السوريين. في هذه المدارس لا يتابع اللبنانيون والسوريون الدروس معاً وخصوصاً بسبب اختلاف المناهج التعليمية. ففي لبنان تدرس المواد العلمية بالفرنسية او الانكليزية، وفي سورية بالعربية. كذلك، نظراً الى نقص الامكنة في المدارس يضطر التلاميذ السوريون الى الدراسة بعد الظهر طوال ثلاثة ايام بعد انتهاء حصص اللبنانيين. اما الجمعة والاحد اللذان يشكلان يومي عطلة في بعض المدارس التابعة لمؤسسات اسلامية في لبنان فيتابع فيهما السوريون الدروس صباحاً. ومع العودة الى مقاعد الدراسة تم تصوير نسخ من الكتب المدرسية السورية وأُزيلت منها عبارات التمجيد الكثيرة لنظام بشار الاسد. وقال حبلص: «الكتب سورية لكن أُلغي منها كل ما شوهه نظام الاسد» ولا سيما في كتب التاريخ. كما ان التلاميذ من اللاجئين لن يستمعوا صباح كل يوم الى النشيد الوطني السوري قبل بدء الدروس كما هي الحال في سورية. وأعرب طارق زعبي (50 عاماً) اللاجئ من حلب عن سروره لرؤية اطفاله يعودون الى المدرسة، لكنه قلق على ابنه البالغ 20 عاماً لأن الطلاب الجامعيين لا يستفيدون من مبادرة مماثلة. وقال بنبرة حازمة: «خسرت منزلي وكل ما املك في سورية، لا اريد ان يخسر اولادي مستقبلهم ايضاً». وأفاد صندوق الاممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) بأن 30 ألف طفل وفتى على الاقل تتراوح اعمارهم بين خمسة و17 عاماً فروا من سورية الى لبنان فيما يظل عدد الاطفال اللاجئين في بعض المناطق اللبنانية اكبر من قدرة المدارس على استيعابهم.