أثار قرار أردني تعيين سفير جديد يمثل المملكة لدى إسرائيل أخيراً، موجة احتجاجات عارمة داخل كبرى العشائر الأردنية، التي وقع الاختيار على أحد أبنائها لتولي المنصب، في ظل تكاثر الدعوات المنددة بمعاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل منذ العام 1994. ويوم أمس، انتهت مهلة حددتها قيادات وزعامات من عشيرة العبيدات لاحد ابنائها وليد العبيدات، لكي يعلن رفضه تعيينه في منصب سفير لدى اسرائيل، وإلا سيواجه قرار التبرؤ منه رسمياً، في خطوة نادرة شغلت العديد من الأوساط المختلفة في العاصمة عمان. وفي تطور لافت، تداعى المئات من أبناء العبيدات التي تعد واحدة من كبرى عشائر شمال الأردن، إلى اجتماعات طارئة ومتواصلة في بلدة كفر سوم أمس وأول من أمس، مهددين بإجراءات تصعيدية حيال السفير المكلف، إن لم يتراجع عن قرار قبوله المنصب ورفض التوجه الى الدولة العبرية. وأصدر المجتمعون بيانات، أكدوا فيها أن عشيرة العبيدات «كانت ولا تزال وفية لأمتها، ولن تهادن في تحرير كامل التراب الفلسطيني... ان معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل تشكل وصمة عار، وإن من يقبل تولي منصب سفير لدى الكيان الصهيوني يتجاوز جميع المحرمات، ولعشيرته أن تتبرأ منه». لكن والد عبيدات، وهو السفير والديبلوماسي السابق خالد عبيدات، قال ل «الحياة» إن نجله وليد «مشروع شهادة، وعليه أن لا يتردد عن تأدية الواجب». واعتبر ان «المنددين بقرار تعيين ولدي لا يمثلون عشيرة العبيدات الكبيرة». وأضاف: «نرفض الهبوط إلى مستويات متدنية من التعبير عن الرأي، وللأسف نحن في زمن الديموقراطية غير المنضبطة». ودعا الى «أن يشمل الربيع العربي الأردني المطالبة بإصلاح العشائر وأدوارها. وهناك فرق كبير بين الانتماء للعشيرة والانتماء للوطن»، ملاحظاً ان «السفير الأردني في إسرائيل سفير للأردن بكل مكوناته، وهو يحمل آمال وتطلعات الدولة في استعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة». ويرى سياسيون وكتاب أن خضوع عبيدات إلى الضغوط العشائرية، يعني عملياً التمرد على قرارات الدولة والإعلاء من شأن العشيرة، في تقليد جديد هو الأول من نوعه في البلاد. وتعتبر عشيرة العبيدات الأكثر حضوراً في مدينة إربد (80 كم شمال عمان)، إذ يقطن أبناؤها على امتداد سبع بلدات مجاورة للمدينة. ويعتبر رئيس الوزراء ومدير المخابرات السابق أحمد عبيدات أبرز الشخصيات المممثلة لهذه العشيرة، إذ يتزعم العديد من القوى المعارضة المنضوية تحت راية «الجبهة الوطنية للإصلاح». وكانت عشيرة العبيدات، قدمت أول شهيد أردني على الأرض الفلسطينية، ويدعى كايد مفلح العبيدات الذي قاد معارك ضد الانتداب البريطاني في فترة العشرينات. وفي تطور لاحق، طالبت إسرائيل السفير عبيدات بعدم الرضوخ لمطالب عشيرته مساء أمس. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر سياسية في القدسالمحتلة رداً على بيان لعشيرة العبيدات، بالقول إنها «تأمل بأن يتولى السفير الأردني الجديد مهام منصبه كما هو مقرر»، مؤكدة ضرورة عدم الرضوخ لمطالب «هذه الجهات المتطرفة». وأكدت المصادر الإسرائيلية أهمية الحفاظ على معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، مشيرة إلى أنها تمثل «مصلحة مشتركة».