تحول حضور لاعب المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم الأسير المحرر محمود السرسك مباراة القمة «كلاسيكو» بين ناديي برشلونة الكاتالوني وريال مدريد الاسبانيين على مدرجات ملعب «كامب نو»، الى قضية رأي عام في الأراضي الفلسطينية. وانشغل الشارع «الغزي» ووسائل الاعلام المحلية أمس بالقضية، وأصبحت الأولى على رأس جدول أعمالهم وهمومهم اليومية وتقدمت على ما عداها من قضايا وهموم، خصوصاً بسبب حساسية قضية الأسرى، والشعبية الطاغية لنادي برشلونة في القطاع. ويعود السبب في تحولها الى قضية رأي عام الى نية الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت الذي كان أسيراً لدى عدد من فصائل المقاومة في قطاع غزة، متابعة المباراة من على مدرجات الملعب نفسه. كما يعود السبب الى ما كتبه أحد الصحافيين «الغزيين» ووجه خلاله نصيحة الى السرسك، الذي أطلقته سلطات الاحتلال قبل أشهر قليلة من السجن بعدما خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام في زنزانته لأكثر من ثلاثة أشهر. وحض الصحافي السرسك في مقالته «نصيحة الى محمود السرسك»، على التوجه الى اقليم كاتالونيا لمشاهدة المباراة، بغض النظر عن وجود شاليت. واعتبر الكاتب في مقالته، التي حظيت بعشرات التعليقات والمشاركات على شبكات التواصل الاجتماعي، أن «وجود شاليت يجب أن يكون دافعاً قوياً لك للذهاب الى كامب نو، وأن تكون نداً له، وأن وجودك سيلفت الأنظار أكثر من وجوده، فلا تنس أن أكبر تظاهرة في غزة للتضامن مع الأسرى يشارك فيها 30 مواطناً أو 300 أو 3000 آلاف في أحسن الأحوال، في حين نزل الى شوارع إسبانيا أكثر من 30 ألفاً للتضامن معك ومع بقية الأسرى المضربين عن الطعام قبل شهور قليلة». وخاطب السرسك قائلاً: «ستكون مناسبة نادرة لك أو لأي أسير فلسطيني ربما لن تتكرر، للحديث الى وسائل الاعلام، خصوصاً الاسبانية، فأنت تعلم أن الكلاسيكو يشاهده عشرات أو مئات الملايين... إنها فرصة لك لتتحدث عن معاناتك ومعاناة 5000 من رفاقك لا يزالون يعانون أشد المعاناة خلف جدران رطبة وزنازين معتمة، ولتتحدث عن معاناة شعبك الذي ناضلت أنت وملايين غيرك من أجل حريته واستقلاله، فرصة لك لتقول لهم من هو شاليت وما هي الجرائم التي ارتكبها أثناء عمله ضمن قوات الاحتلال الاسرائيلي في غزة التي وُلدتَ أنت فيها»، في اشارة الى مدينة رفح أقصى جنوب القطاع مسقط رأس السرسك. وأضاف: «إنها فرصة لتقول للعالم إن أطفالنا لا ينامون أثناء الليل في حالتين: الأولى بسبب القصف الاسرائيلي الذي أودى بحياة آلاف الفلسطينيين على مدى الصراع، والحالة الثانية عندما يلعب النادي الكاتالوني أو الملكي (ريال مدريد) أو الاثنان معاً. قل له إنهم في الحال الأولى يكونون مرعوبين من صوت القصف والدمار والموت السريع المتنقل في أرجاء بيوتهم، وفي الثانية يسعدهم مشاهدتكم وفوزكم الذي ينسيهم لبعض الوقت صدمتهم من القصف الاسرائيلي». وفيما التزمت الفصائل الصمت ازاء القضية، باستثناء حركة «حماس» التي اعتبرت أن مشاركته «تطبيع» مع اسرائيل، تباينت مواقف الرياضيين ومناصري الأسرى والناشطين الشباب والاعلاميين. وعارض توجه السرسك عدد من هؤلاء، اضافة الى «جمعية واعد للأسرى والمحررين» المقربة من «حماس»، فيما دعا البقية السرسك الى السفر الى اقليم كاتالونيا الساعي الى الانفصال عن اسبانيا والتحول الى دولة مستقلة في اوروبا. وقال الشاب محمود مسعود إن حضور السرسك «يعني أن أسرانا مثل أسرى اسرائيل، وشتان بين مناضل ومحتل». كما قال الحقوقي حسين حماد ان على السرسك عدم الذهاب، معتبراً أن دعوته «ليست سوى محاولة من الفريق الكتالوني لإرضاء مشجعيه العرب فقط! وموقفه (أي السرسك) خير تعبير عن كرامة الفلسطينيين التي يصر البعض على تدنيسها إرضاء لرغبات وهوايات أحبها». وبعد أيام من الصمت، خرج النادي وأعلن أنه لم يوجه الدعوة الى شاليت، بل إن وزيراً اسرائيلياً سابقاً قدم طلباً لادارة النادي لاتاحة الفرصة أمام شاليت لحضور المباراة، علماً ان السرسك قال إن ادارة النادي وجهت اليه دعوة لحضور المباراة. كما نفت ادارة النادي نيتها تكريم شاليت، كما انتشرت اشاعات في القطاع، إلا أن البعض واصل الادعاء أن هناك دعوة وتكريم لشاليت على رغم نفي النادي في بيان صحافي.