تقنية بصرية جديدة بدأت تنتشر، وإن في شكل محدود في القنوات التلفزيونية الكبيرة والمقتدرة، فقط. وعلى رغم أن الفكرة الأساسية في تقنية «فيديو وول»، تأتي أصلاً من باب البرامج التي تتطلّب شرحاً وتفصيلاً ومزاوجة بين المعلومة والصورة وتأكيداً وترسيخاً لهما، إلا أن الحضور الأوسع لهذه التقنية يتقدّم ويأخذ مكانه في نشرات الأخبار السياسية والاقتصادية. لعل الظهور الأول لتقنية «فيديو وول»، كان من خلال الحصة الاقتصادية في البثّ التلفزيوني، هذه الحصة التي تمتلئ بالأرقام والإشارات الحمر والخضر، دلالة على الصعود والهبوط في الأسهم. ولا ضير في الاعتراف بأن استخدام ال«فيديو وول» في النشرة الاقتصادية مكّنها من النجاة من الملل والنفور الذي تثيره الأرقام وكثرتها وتعدّدها، بالتالي حوّلها فسحة جاذبة، حتى لأولئك المشاهدين الذين لا يتعاملون باهتمام أو في شكل مباشر مع أخبار الاقتصاد وحركة الأسهم وأسواق المال. التميّز الأهمّ سيكون في النشرات السياسية، طبعاً، إذ أن دخول هذه التقنية في سياق النشرة الإخبارية جعل حصتها أساسية، أكثر قوة وتأثيراً... ففضلاً عن البهجة البصرية، ازداد ثقل الموضوع وتركيزه ودعم مضمونه، وذلك عندما تنتقل الحال من مستوى قراءة «الخبر»، إلى تقديم «القصة»، مدعومة بصور الفيديو والغرافيك والمؤثرات البصرية التي تعمد إلى تحريك التكوينات، دخولاً وخروجاً، واقتراباً وابتعاداً. التجديد في التقنيات يستدعي تطويراً في الذهنيات، فعندما ينتشر استخدام تقنية ال «فيديو وول»، في غير محطة تلفزيونية، من المنطقي أن ننتبه إلى ما يجري، في العمق، من تغيير في ذهنية التعامل مع الخبر، ومع بناء النشرة، ذاتها. الآن، لم تعد النشرة مجرد تسلسل للأخبار، وفق خيارات أولوياتها وأهميتها، بالنسبة إلى هذه المحطة أو تلك. ولم يعد الأمر، كذلك، متوقفاً عند حدود دعم نص الخبر المقروء بال «تقرير»، سواء كان هذا مُنجزاً من مراسل في الميدان، أو مطبوخاً في غرفة الأخبار. «فيديو وول»، وبمقدار ما يفرض ذاته على النشرة، فإنه يفرض ذهنيته في تحويل «الخبر» إلى «قصة»، والتعامل معه على هذا الأساس. من الناحية التنفيذية، لا يستطيع أحد ادّعاء امتلاك الخبرة في التعامل مع هذه التقنية، على الأقل باعتبارها جديدة. ربما يمكن الاتكاء على الخبرات المتكوّنة من قبل بصدد إعداد التقارير التلفزيونية. ولكن، ثمة فروق عملية، ما بين صناعة التقرير، والتعامل مع ال «فيديو وول»، لابد من الانتباه إليها. طريقة الكتابة والبناء والتنفيذ والعرض. دور المُحرّر؛ كاتب السيناريو (سكريبت)، وأهمية المونتير والغرافيكي، وضوابط تعامل المذيع مع هذا الجدار البصري الممتد على مدى المشهد خلفه، وتوازن إيقاع انتقالاته بين جزء وآخر من هذا الجدار. عمّا قريب، يمكننا توقّع ألا نرى المذيع جالساً يقرأ علينا نشرة الأخبار. سنراه واقفاً يشرح الأخبار، ويروي لنا قصصها.