كانت الأسرة في طريقها لحضور زفاف فتحولت الرحلة إلى مأساة، حلقة في سلسلة المصائب التي تقوم بها شركات مقاولات مع إهمال رقابي. حاول الأب السائق تفادي السقوط في حفرة فاصطدم بحاجز خرساني. توفي الأب والأم وأصيب أطفالهما الخمسة بإصابات متفاوتة، حدث هذا في النماص، المصيف الجميل جنوب السعودية، ونشرت عنه «الوطن»، وهي حادثة مرورية متكررة حدثت ويحدث مثلها في أكثر من منطقة. في العادة، إذا وصفت الحادثة بالمرورية توضع المسؤولية مباشرة على السائقين. ترسخ هذا في الأذهان من تراكم تسليط الضوء على أخطأ سائقي المركبات وغض الطرف عن جهات أخرى لها علاقة مباشرة بالحادثة، بل قد تكون المتسبب الأول فيها. وفي قصة الخبر السابق قال مدير مرور النماص النقيب محمد السرحاني إنه تم تنبيه «شركة الأسس الحديثة» المنفذة للمشروع أكثر من مرة لغياب اللوحات الإرشادية ووسائل السلامة، ووقعت عليها غرامات مالية من البلدية، تم هذا في السابق وبقي الوضع على ما هو عليه إلى حين حدوث المصيبة. يتضح من هذا أن الغرامات المالية إذا طبقت لا تحقق الفائدة، إما لأنها ضئيلة أو لأن المقاول وضعها في الاعتبار عند تقديم العرض، تتحول إلى دخل للبلديات مع بقاء الأخطار والمخالفات على ما هي عليه، لكن النقيب محمد بارك الله فيه أضاف ملاحظة مهمة إذ قال: «هناك عدم مراقبة للمشاريع المنفذة من الجهات المالكة للمشاريع»، وهذا واقع نعرفه، الجهات المالكة للمشاريع تحتفي بها عند توقيع العقود أما الرقابة والإشراف الميداني فيكون من حظ صغار الموظفين وقد يوكل للشركة نفسها بصورة أو بأخرى. «تم إيقاف المشرف على المشروع لحين انتهاء القضية»، هذا هو الإجراء الذي تم حتى الآن، وبقي اليتم للأطفال الخمسة، ومن حوادث أخرى يمكن للشركة «الاستغناء» عن المشرف... موقتاً، يتركونه في الإيقاف مثلما تترك بعض الشركات سائقي مركباتها عند تسببهم في حادثة إلى حين تنازل المتضررين، لدى الشركات نفس أطول ومعقبون، وخبرة بالدهاليز وعلاقات، ويبقى المتضرر مثل الأطفال الأيتام الخمسة، عظّم الله أجرهم وعوضهم خيراً ورحم والديهم. وما زلنا ندعي اهتماماً بقيمة الإنسان، لكن واقعنا يخبر خلاف ذلك ولو حدث مثل هذا في مجتمع يقدم قيمة المخلوق الذي كرمه خالقه لاستقال الرئيس الكبير للجهة المالكة للمشروع وأخذ معه بعض الرموز المشرفة على مشروع اليتم في النماص، وأوقف صاحب الشركة وجهازها التنفيذي وشهّر بها ولم يوكل لها عمل مستقبلاً، هذا ما لا يحدث عندنا. الأسهل أن يقال: «المرحوم كان غلطان»! www.asuwayed.com