يرى كاتب أميركي يعمل أستاذا للعلوم السياسية في جامعة تكساس أن بلاده طوال أربعين عاما دعمت مصر في تأسيس نظام بوليسي يقول إنه استهدف خدمة المصالح الأميركية "وتحقيق أمن إسرائيل" بدلا من تعزيز الديموقراطية بطريقة تدريجية. ويقول جايسون براونلي في كتابه "إجهاض الديموقراطية" إن "الدولة البوليسية" في مصر شيدها الرئيس الأسبق أنور السادات وضخّمها خلفه حسني مبارك ورعتها الولاياتالمتحدة التي يرى أنها أسهمت في إطالة عمر مبارك بطرق مختلفة، منها دعم أجهزة الأمن في مصر ولكنها على الرغم من قوتها لم تصمد أمام الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي تمكنت من إنهاء حكم مبارك في 11شباط (فبراير) 2011 بعد 18 يوما. وفي الكتاب الذي حمل عنوانا فرعيا هو "الحصاد المر للعلاقات المصرية - الأميركية في أربعين عاما، يسجل المؤلف أن "ثورة 25 يناير 2011"، أعادت الاعتبار إلى دور الإرادة الشعبية في صنع السياسة الداخلية والخارجية. ويقول: "حطّمت المعارضة من دون أن تطلق رصاصة واحدة، صرح الطغيان المصري وهددت أركان التحالف المصري - الأميركي لتدشن بذلك أكبر تجربة ديموقراطية في منطقة الشرق الأوسط" ولكن التجربة تعثرت مرتين.. بوصول محمد مرسي المنتمي لجماعة "الإخوان المسلمين" إلى السلطة لمدة عام كتب فيه "دستوراً دينياً صريحاً"، ثم بعزل مرسي في الثالث من تموز (يوليو) 2013 بعد احتجاجات شعبية على حكمه طوال عام، بلغت ذروتها في 30 حزيران (يونيو). ويرى براونلي أن الجديد في الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى خلع مبارك هو ثقة المحتجين "وإرغامهم النخب السياسية (في القاهرةوواشنطن) على إعادة تقييم مردود تأييدهم لمبارك". وأهدى براونلي كتابه الذي ترجمه إلى العربية المترجم المصري أحمد زكي عثمان وصدر في 273 صفحة عن دار الثقافة في القاهرة، إلى الكاتب المصري محمد السيد سعيد (1950-2009) آملا "أن يكون هذا الكتاب بمثابة تخليد لمبادئ النقد الفكري والمسؤولية الاجتماعية التي لطالما جسدها هذا الإنسان الرائع" الذي يحظى إلى اليوم باحترام كبير لدى المثقفين المصريين. ويقول المؤلف إنه في الأيام الأولى للانتفاضة ضد مبارك، كان موقف البيت الأبيض يدعم "الاستقرار في مصر في الوقت الذي يروج لنفسه وكأنه يساند التحول الديموقراطي التدريجي." ويرى أن أميركا لا تحرص على الديموقراطية ولو رفعتها شعاراً. فيتابع ان "معضلة واشنطن لم تكن في أن وصول الإخوان للحكم سيعني تغيير نظام سلطوي ليحل محله نظام حكم أكثر شمولية، وإنما كانت المعضلة في أن أية حكومة إسلامية ربما تتحول بالسياسة المصرية بعيدا عن أولويات الولاياتالمتحدة." ويضيف أن الفترة "القصيرة المضطربة" لحكم مرسي كشفت أن التحالف المصري - الأميركي "أكثر صلابة من التجربة الديموقراطية التي زعم المسؤولون الأميركيون أنهم يدعمونها... شرع مرسي في توثيق علاقاته مع الولاياتالمتحدة وكان سبيله إلى ذلك بالأساس هو انتهاج سياسة تعزز أمن إسرائيل التي طالما أدانها" في عهد مبارك. ويستشهد على ذلك بأن مرسي على سبيل المثال "دعا قبل الثورة لإعلان الحرب على إسرائيل ووصف الصهاينة بأحفاد القردة والخنازير. لكن مع توليه الرئاسة، استمر في تبني نفس السياسة الخارجية التي تبناها سلفه، فحافظ على الدور التقليدي لمصر الساعي للحفاظ على أمن إسرائيل."