طهران - أ ف ب - مثل أمام محكمة إيرانية أمس نحو 100 شخص بينهم قياديون إصلاحيون متهمون بالإخلال بالنظام العام خلال التظاهرات التي أعقبت فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية في الانتخابات التي أجريت في 12 حزيران (يونيو) الماضي. وتأتي المحاكمات التي تشهد للمرة الأولى منذ الثورة الإسلامية عام 1979 مثول عشرات من النواب ووزراء سابقين أمام القضاء، قبل أيام من أداء الرئيس المحافظ اليمين الدستورية الأربعاء المقبل، وهو يسعى منذ أيام الى تخفيف التوترات الناتجة من انتقادات معسكره نفسه لبعض خياراته السياسية. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «ارنا» عن مصادر قانونية ان أدلة تتوافر ضد «مثيري الشغب» الذين أحيلوا على المحاكمة بينها صور التقطت لدى «ارتكابهم جرائم»، علماً ان لائحة المتهمين تضم شخصيات مقربة الى الرئيس السابق محمد خاتمي، ومناصرين لزعيمي المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي. وأوضحت المصادر القضائية ان التهم تشمل «الإخلال بالنظام والسلامة العامة وإقامة علاقات مع منافقين»، وهي التسمية التي تطلقها السلطات على تنظيم «مجاهدين خلق»، المعارض الأبرز في المنفى، و «أيضاً حيازة أسلحة نارية وقنابل، ومهاجمة قوات الشرطة والميليشيات الإسلامية، وإرسال صور للتظاهرات الى وسائل إعلام معادية». وفيما ينص القانون الإيراني على ان عقوبة العمل ضد الأمن القومي، وهي تهمة شائعة ضد الأصوات المعارضة في إيران، قد تصل الى الإعدام، أفادت وكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية ان أربعة إصلاحيين بارزين على الأقل قالوا حتى الآن ان الانتخابات لم تزور. وأوضحت الوكالة المتشددة ان «نائبي الرئيس السابقان محمد علي أبطحي ومحسن صفي فرحاني، ووزير الصناعات السابق بهزاد نبوي، ومازيار بهاري الصحافي الإيراني الكندي، ونائب وزير الداخلية السابق مصطفى تاج زاده اعترفوا بأن مزاعمهم الخاصة بالانتخابات لا أساس لها». وأوقف حوالى ألفي شخص خلال الاحتجاجات، افرج عن معظمهم وبقي حوالى 250 شخصاً قيد التوقيف، فيما قتل 20 شخصاً في أعمال العنف. وبعد مرور شهر ونصف الشهر على العملية الانتخابية تستمر احتجاجات المعارضة التي يقودها المرشحان الخاسران موسوي وكروبي اللذان يرفضان نتيجة الانتخابات. وفرقت الشرطة بالقوة الخميس الماضي آلافاً من أنصار المعارضة احتشدوا في جادة ولي عصر وسط طهران وفي مقبرة بهشت الزهراء جنوب العاصمة لإحياء ذكرى ضحايا التظاهرات، وذلك بعد مرور أربعين يوماً على مقتل ندا آغا سلطان في 20 حزيران، الشابة التي تحولت الى رمز للاحتجاجات التي جددت السلطات أول من أمس اتهامها قوى غربية بالوقوف خلفها. وأعلنت وكالة الأنباء الإيرانية (ارنا) ان الشرطة اعتقلت 50 متظاهراً الخميس الماضي، «نفذوا عمليات إحراق ممتلكات وتخريبها ورشق حجارة». وأفاد شاهد بأن عناصر شرطة مكافحة الشغب المزودين دراجات نارية فرقوا الحشد، وان المتظاهرين أحرقوا سلالاً للقمامة، مشيرين الى أن أحد الموقوفين هو المخرج السينمائي جعفر بناهي الذي اطلق لاحقاً. على صعيد آخر، أعلن نائب مدير سلطة السجون لشؤون الإدارة وتنمية الموارد محمد علي زنجيري الإفراج عن 17 ألف سجين، بموجب عفو أصدره المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي. وأشار الى ان نسبة 40 في المئة من إجمالي عدد السجناء في البلاد البالغ 68 ألفاً استفادوا من العفو، «فيما سيستفيد الباقون من خفض مدة العقوبة أو سيفرج عنهم في الشهور الأخيرة من الأحكام التي ينفذونها». في المقابل، أعدمت السلطات شنقاً في سجن في مدينة شيراز رجلاً وامرأة محكومين بالإعدام بتهمة القتل، ما رفع الى 189 عدد الأشخاص الذين أعدموا في البلاد منذ مطلع السنة، علماً ان 246 مداناً اعدموا العام الماضي. وحذر مسؤولون إيرانيون من تجدد الاضطرابات التي تنظمها قوى المعارضة في العاصمة طهران، مع الاستعدادات الجارية لتنظيم حفلة تنصيب الرئيس محمود أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية مدتها أربع سنوات، والمقررة في حسينية الإمام الخميني الأربعاء المقبل في حضور المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين، ومقر مجلس الشورى حيث سيؤدي نجاد اليمين الدستورية. وبعد تنصيه رسمياً، سيمنح نجاد أسبوعين لاختيار أعضاء حكومته وتقديم أسمائهم إلى مجلس الشورى، تمهيداً لإجراء تصويت بمنح الثقة. وكان الرئيس الإيراني أكد أول من أمس «عمق» العلاقة التي تربطه بخامنئي، واصفاً إياها بأنها تشبه «العلاقة بين أب وابنه»، وذلك رداً على تقارير عن توتر العلاقة بينهما، في أعقاب اعتراض خامنئي على تعيين نجاد أحد أقاربه اسفنديار رحيم مشائي نائباً له. وخلال لقائه عدداً من أعضاء الهيئات العلمية وأساتذة الجامعات في مدينة مشهد (شرق)، قال نجاد: «خلال الأيام الأخيرة، حاول البعض بسذاجة أن يصوروا العلاقات بين الحكومة والمرشد الأعلى وكأنها ساءت، للإيحاء بوجود خلاف بين الحكومة والمرشد، لكن رغبة الأعداء في نشوب خلاف بين قائد الثورة الإسلامية ورئيس الجمهورية لن تتحقق أبداً»، مضيفاً: «أنهم يجهلون طبيعة العلاقة التي تربطني شخصياً بالمرشد في موازاة علاقاتنا السياسية والإدارية. إنها علاقة قائمة على المحبة والثقة، علاقة أب بابنه».