قبل أسابيع دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما الزعماء العرب الى تحرك عملي لبناء الثقة مع إسرائيل، في مقابل تجميد الاستيطان. بعض الدول العربية استقبل تلك الرسالة باعتبارها محاولة لتهدئة خواطر السياسيين الاسرائيليين بعد خطاب أوباما في القاهرة، والبعض الآخر تماهى مع الرسالة الاميركية، وان بطريقة غير ملزمة، وتحدث عبر مقالات عن استعداد العرب للتجاوب مع اي خطوة جدية من اسرائيل، واقترح الشراكة الاقتصادية والتنمية كوسيلة للانخراط الكامل في العملية السلمية، وصولاً الى مصالحة على المستوى البشري. لا شك في أن حرص بعض الدول العربية على مساندة توجهات الرئيس الاميركي باراك اوباما إزاء تحريك عملية السلام، وحل الدولتين، وتعامله بهدوء، وربما بايجابية، مع دعوة واشنطن الى تحريك التطبيع، خلقا حالاً من الشك، وإن شئت القلق من أن ثمة تطورات مقبلة تتضمن تغييراً جوهرياً في موقع التطبيع، وتحويله من نتيجة للسلام الى سبب لتحقيقه. لكن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بدد هذه الشكوك والمخاوف، ورفض، في مؤتمر صحافي مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في واشنطن، السير في عملية التطبيع « قبل وقف الاستيطان وإطلاق المفاوضات الشاملة». تصريحات الأمير سعود الفيصل ليست رفضاً لتغيير دور التطبيع في العملية السلمية فحسب، بل تضمنت، أيضاً، نقداً صريحاً للرسالة الأميركية حول مسألة التطبيع. فالسلام في نظر الرياض لن يتحقق ب «الأمن الموقت وإجراءات بناء الثقة»، وفتح الأجواء للطيران المدني، ومعاودة فتح المكاتب التجارية الاسرائيلية في بعض الدول، وإنما، ب «مقاربة شاملة تحدد النتيجة النهائية منذ البداية»، مذكراً الإدارة الأميركية بأن إسرائيل لم ترد على طلب أوباما وقف الاستيطان، فلماذا يطلب من العرب ما يجب على اسرائيل فعله؟ الأكيد أن معاودة صوغ سؤال ماذا نريد من السعودية، ليصبح ماذا تريد السعودية، خلقت أثراً واضحاً، وصححت مسار العملية السلمية، وشكلت ضمانة حقيقية لحقوق الفلسطينيين والعرب، وحين سئل الأمير ماذا ستقدم الرياض في مقابل تجميد الاستيطان، رد قائلاً: «التخلي عن المستوطنات ليس شيئاً تعطيه إسرائيل. هي ترده لكنه ليس لها. بالطبع الانسحاب من هذه المستوطنات ليس أمراً يعتبر جائزة لإسرائيل، لكنه خطوة أولية نحو المفاوضات الحقيقية حول القضايا الحقيقية التي تفصل الشعبين والتي ستحقق السلام».