الفرع الافتراضي.. قصة نجاح!    أوبك تبقي على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في عامي 2025 و2026    جدلية العلاقة بين السياسة والاقتصاد!    «فلسطين أرض عليها شعب.. ليست لشعب بلا أرض»    النصيحة السعودية للإقليم!    وزير الصحة السوري يعبّر عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية    صندوق الاستثمارات العامة راعياً رسمياً لبطولة الجولف للسيدات    أمير الشرقية يدشن شمعة التوحد في الأحساء والظهران    المدينة والجرس: هنا لندن أو هناك أو... في كل مكان!    حصالة ليست بها قيمة    أمير الرياض يكرّم الفائزين في الأولمبياد للإبداع العلمي    تعب التعب    التأسيس وتحقيق رؤيتنا المثلى    تعزيز التعاون بين اتحاد الكرة و«الفيفا»    نيوم يعزز صدارته ل«يلو» ويلاعب جدة غداً    المنتدى السعودي للإعلام يناقش مستقبل الإعلام وفرص الاستثمار    استثمار الثقافة في المملكة.. يحقق نهضة إبداعية مستدامة    حراسة النفس    لائحة التصرفات الوقفية هي الحل    الشيباني: حكومة جديدة "تراعي التنوع" مطلع الشهر المقبل    بدر بن فرحان: المملكة تؤمن بأهمية الثقافة بصفتها ركيزة في بناء المجتمعات وتعزيز الهوية الوطنية    أمير جازان يبحث احتياجات أهالي محافظة هروب    مدرسة الملك عبد العزيز الابتدائية والمتوسطة تحتفي بيوم التأسيس    التعاونية للتأمين وتطبيق Blu يوقعان اتفاقية شراكة استراتيجية    أخضر الكرلنغ يخسر أمام اليابان    هطول أمطار متوسطة على القصيم    غرفة ينبع تنظم ورشة عمل حول الخدمات اللوجستية في مطار الأمير عبدالمحسن    ضبط شخص في الشرقية لترويجه (11,580) قرصًا من مادة الإمفيتامين المخدر    5.5 ملايين سند عالجتها منصة نافذ    بعد استفزازه.. «فينيسيوس» يسخر من جماهير مانشستر سيتي بال«15»    مهرجان فنجان الخير بجدة يحتفي بالحرف اليدوية العالمية    التعاون يؤجل الحسم إلى الإياب    «الداخلية» تستعرض طائرة دون طيار لحماية البيئة بمؤتمر ليب التقني 2025    اختتام أعمال الاجتماع التاسع للجنة التوجيهية لشبكة العمليات العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد    تعاون بين جمعية الزهايمر والولاية على أموال القاصرين    اللواء المربع يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي الجوازات    محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة تميّز خدمة ضيوف الرحمن    وفود العسكريين يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    الأطفال الإعلاميون في حضرة أمير الحدود الشمالية    كانسيلو على رادار مانشستر يونايتد.. هل يوافق الهلال على بيع اللاعب؟    «السعودي - الأمريكي» يبحث الشراكات وتبادل الخبرات في صناعة الطيران    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة ال ( 54 )    رصد القمر البدر لشهر شعبان اليوم    استشهاد فلسطيني في قصف إسرائيلي على رفح.. واعتقال 70 فلسطينيًا في الخليل    حكومة لبنان: بيان وزاري يُسقط «ثلاثية حزب الله»    مملكة الأمن والأمان    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد يؤكد : رفض قاطع لتصريحات إسرائيل المتطرفة بتهجير الفلسطينيين    فنانة مصرية تتعرض لحادث سير مروع في تايلاند    سلمان بن سلطان: القيادة تولي اهتمامًا بتنمية المحافظات    أشاد بمواقف القيادة السعودية التاريخية والثابتة.. أحمد أبو الغيط: لا تنازل عن الأراضي الفلسطينية    المملكة 11 عالميًا والأولى إقليميًا في المؤشر العالمي لسلامة الذكاء الاصطناعي    أمير القصيم يكرم 27 يتيمًا حافظًا للقرآن    رأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة.. أمير المدينة: رفع مستوى الجاهزية لراحة المصلين في المسجد النبوي    القيادة تهنئ الرئيس الإيراني بذكرى اليوم الوطني لبلاده    أمريكية تفقد بصرها بسبب «تيك توك»    «حملة أمل» السعودية تعيد السمع ل 500 طفل سوري    أوغندا تسجل إصابات بإيبولا    الاستحمام البارد يساعد على النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زرعنا ساقاً أخرى لأميركا وقد كانت بساق واحدة!
نشر في الحياة يوم 17 - 09 - 2012

ماذا يتوجب علينا أن نفعل؟ هل نركن إلى الصمت؟ هل نتجاوز الحدث بهدوء وكأنه لم يكن؟ هل نستمع لمن يقول: كونوا حضاريين وانهمكوا في أعمالكم ودعوا الخلق للخالق و «الفيلم للصانع»! أم نثور ونحطم «الزجاج والمرايا» والدمية الأميركية، ونشجب ونستنكر، ونهاجم المصالح الأميركية أينما كانت في أرض الإسلام، ونقتل الأميركيين أينما وجدناهم، ولا نلقي اعتباراً لمن يصفنا بالهمجية والغوغائية والبربرية!
ما هو المتوجب علينا تجاه الفيلم المسيء للرسول (محمد صلى الله عليه وسلم)؟ وما الذي علينا فعله «أو عدم فعله» إذا ما تسبب أحدهم «معتوهاً كان أو اعتبارياً أو حتى عدواً بائن العداوة» في إيذاء مشاعرنا، من خلال التعرض لمقدساتنا ومناطقنا المحرمة؟
أظن أن رد الفعل العربي والإسلامي الذي أعقب «اكتشاف» وجود فيلم مسيء لجناب الرسول (صلى الله عليه وسلم، فيه نوع من الانتصار النفسي للمحتجين أكثر من كونه دفاعاً عن النبي محمد! تدافع الجموع الغاضبة للشوارع، واقتحامها لمقار البعثات الديبلوماسية، إنما يعبر عن «حالة مهزومة» وجدت في هذا الفيلم مخرجاً لتنفيس كبتها ومغلوبيتها وتأخرها التاريخي. هؤلاء الناس المحتجون بالتحطيم والتكسير وقتل الأبرياء، يعبرون عن أنفسهم وذواتهم التي تحتاج إلى الانتصار الشخصي «الذي تحتاجه ولا تجده في الحياة اليومية» على حساب الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. هم صادقون، نعم. هم محبون للرسول، نعم. لكنهم في المقابل صادقون مع أنفسهم أكثر، لذلك يحاولون تطهير ما بداخلهم من خلال المشاركة في هذه الأحداث النادرة التي لا تتكرر كثيراً، ومن الممكن لأحدهم أن يدفع نفسه للموت دفعاً في أتون هذه القضية بحثاً عن الخلاص الأخير المرتبط بقضية مقدسة!
لو اخترقتَ هذه الجموع الغاضبة، وتحدثت مع كل واحد من الذائبين فيها على حدة، لوجدت قضيته تتمحور حول فردانيته وحاجته شخصياً للاعتلاء في سماوات النتائج الأخروية، وليس أجمل وأنسب من الذوبان في هذه القضية المقدسة! وهنا تكمن المشكلة العظيمة: القضايا عادلة، لكن المحامين فردانيون انتهازيون طامعون للانتصار لذواتهم على حساب محمد، وإرث محمد صلى الله عليه وسلم!
لا أشك أبداً أن مثل هذا النوع من القضايا لا يجب أن يترك من دون رد فعل مناسب، لكن من غير المناسب أن تكون المبادرة من الجماهير التي تبحث عن خلاص شخصي لها. مثل هذا النوع من القضايا ينبغي التعامل معه وإدارته عن طريق جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي ولا سواهما، بحيث يكون الرد حاملاً لختم الأمة بشكل كامل، وموجهاً لجهات صنع القرار في البلاد التي يحصل فيها هذا النوع من انتهاك المقدسات والتعرض للرموز الدينية بحجة حرية التعبير وحماية الفنون والنتاجات الأدبية والفنية!
موقف أميركا (البلد الذي صنع فيه الفيلم)، كان متخاذلاً جداً ولم يحقق أدنى متطلبات العلاقات الأممية، فبدلاً من تصريح السيدة هيلاري كلينتون الذي قالت فيه: «إن الحكومة الأميركية لا علاقة لها بالفيلم، وإنها تستغرب قتل السفير الأميركي في بنغازي على رغم مساهمة الأميركيين قبل أشهر في تخليصها من براثن القذافي»، كان عليها أن تدعو إلى محاكمة صناع الفيلم بتهمة «التحريض على الكراهية» والمساس بالمصالح الأميركية في الخارج. ومثل هذا لا يتناقض مع الحريات الأميركية التي نجلها ونحترمها، لكن في المقابل ما كان ينبغي أن يجابه هذا الموقف الذي يقف على ساق واحدة بالغوغائية في الشارع العربي والإسلامي، التي لا أشك أبداً أن يكون من نتائجها زرع ساق أخرى لأميركا، وبالتالي الوقوف أمام الموقف الإسلامي بشكل صلب ومتعنت! هذا الموقف الأميركي الضعيف الحجة كان يمكن التعامل معه بتأثير أكبر لو كان الموقف المقابل له ناتجاً من اتحاد إسلامي كبير ذي صبغة سياسية وعسكرية واقتصادية وحتى ثقافية!
كان يمكن أن نتعامل بشكل يرضي ذواتنا ويرضي نبينا صلى الله عليه وسلم، لكننا فشلنا حتى في إدارة صدانا! «فأعلام القاعدة» - على سبيل المثال - التي رفعت على السفارات الأميركية، خصوصاً في دول الربيع العربي، جعلت منا مسخاً يحاول إخافة أعدائه بإخراج أحشائه! هذه المبادرة الرجعية ستجعل واشنطن ومن خلفها العواصم الغربية، تفكر ألف مرة قبل أن تقدم على تشجيع الديموقراطيات والحريات المدنية في الدول العربية، وستجعل المواقف الغربية تجاه قضايانا العادلة مترددة وغير جدية ومائلة دائماً للطرف الآخر، بحجة أن البديل للديكتاتورية الحليفة لا يمكن أن يخرج في هذا الجزء من العالم عن جماعات كافرة بالمواثيق الدولية والمعاهدات الأممية، التي من بينها حماية أرواح السفراء والممثلين السياسيين!
ربما تكون أميركا بالفعل خلف إنتاج هذا الفيلم. ربما تكون الحرب الخفية بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي قد دفعت مأجورين صغيرين للتعرض لسيرة سيد الخلق بهدف التأثير في الناخب المحلي، لكن ذلك لا يبرر أبداً طريقة تعاطينا مع الموقف. ربما تكون أميركا فعلاً، وربما تكون سورية على بعد آلاف الأميال وراء إنتاج هذا الفيلم، لخلق رد فعل عربي غوغائي، ومن ثم التأثير أولاً في المواطن الأميركي الذي يمكن أن يؤثر في حكومته ويحد من تدخلها في الشأن السوري، ولصرف النظر ثانياً عما يحدث في سورية هذه الأيام، وهو ما يساعد بشار الأسد وزمرته في تصفية المعارضين والمحتجين بالوسائل الممكنة كافة.
إيران أيضاً قد تكون وراء إنتاج هذا الفيلم، من أجل تخفيف حدة الضغوطات الدولية تجاهها، وتحويل الشوكة الإسلامية إلى وسط الخاصرة الأميركية، وبالتالي تحرير الآيات في طهران، وقد كانوا منبوذين إسلامياً من عزلتهم التي وضعهم فيها المجموع الإسلامي.
وقد يكون منتج الفيلم مدمن مخدرات. وقد يكون محتالاً صغيراً يتهرب من دفع بضع مئات للضرائب، وقد يكون متعصباً موتوراً.
قد يكون كل شيء، لكن المعيب أن نكون نحن الصدى الضخم لقضية صغيرة خاسرة!
* كاتب وصحافي سعودي [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.