تبذل جهات تنظيمية في الصين قصارى جهدها لدفع الأسهم إلى صعود يدوم طويلاً قبل تغير الزعامة في البلاد، إذ أبطلت حقائق اقتصادية وغموض سياسي وتشكيك المستثمرين مفعول إجراءات نجحت من قبل في دفع السوق إلى الارتفاع. وتتراجع الأسهم الصينية منذ أيار (مايو) وتتجه إلى إنهاء العام على هبوط للعام الثالث على التوالي، لكنها قفزت في السابع من الشهر الجاري عقب إقرار لجنة الإصلاح والتنمية الوطنية مجموعة من مشاريع البنية التحتية الجديدة. إلا ان الاتجاه الصعودي بلغ ذروته وبدأ يفقد الزخم مع تراجع أحجام التداول. وأغلق «مؤشر شانغهاي المجمع» و «مؤشر سي إس آي 300» على انخفاض الأسبوع الماضي. وقال تشن يي، المحلل في «شيانغ تساي سيكيورتيز» في شانغهاي: «يعلم الجميع ان هذا النوع من الاستثمار في الأصول الثابتة محفز قصير الأجل للاقتصاد المحلي، لكن شيئاً لم يتغير بالنسبة إلى الاتجاه النزولي في المدى الطويل». وكثفت اللجنة الصينية للرقابة على الأسهم محاولات دعم السوق في الأسبوع الأول من أيلول (سبتمبر)، ونشرت وسائل الإعلام الرسمية تقارير عن اجتماعات اللجنة التي حاولت خلالها إقناع رؤساء شركات مملوكة للدولة بشراء الأسهم من جديد وتشجيع مديري الصناديق على دعم «استقرار السوق» ومطالبة فروع اللجنة بالعمل لدعم الثقة في الأسهم. وفي السابق كانت تلميحات كهذه من اللجنة كافية لجذب المشترين للسوق لكن الوضع تغير. إلى ذلك، وبعد البيانات المخيبة عن الاقتصاد الصيني خلال آب (أغسطس) الماضي، أصدر المصرف المركزي الصيني بيانات عن القروض جاءت أفضل من المتوقع، ما بعث بعض الطمأنينة وأبعد الصورة الباهتة التي كانت متوقعة لمستقبل نمو الاقتصاد. وأكدت «الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية» في تحليلها الأسبوعي عن الأسواق الناشئة في آسيا «ان النمو الصيني كان متباطئاً الفصول الستة الماضية، على رغم النمو القوي، وبلغ خلال الربع الثاني الماضي 7.6 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي. وتوقع كثيرون ان يشهد الربع الثالث من السنة تغيراً في نمط النمو، لكن أرقام الإنتاج والتبادل التجاري الأخيرة جاءت أقل من المتوقع، وقد يستمر النمو الضعيف حتى فصل سابع». ولفت التقرير إلى ان «حجم الصادرات ارتفع خلال آب الماضي 2.7 في المئة على أساس سنوي، مقارنة بواحد في المئة خلال تموز (يوليو) الماضي، لكنه ما زال أقل من المعدل المتوقع البالغ 2.9 في المئة، في حين انخفض حجم الواردات إلى نسبة نمو بلغت 2.7 في المئة على أساس سنوي، مقارنة ب4.7 في المئة وبتوقعات بأن يبلغ 3.5 في المئة». ويستمر التبادل التجاري بالتباطؤ بسبب ضعف الطلب من أوروبا والولايات المتحدة واليابان، كما أدت نتائج الأشهر الثلاثة الأخيرة إلى دفع الكثير من خبراء الاقتصاد إلى مراجعة نظرتهم المستقبلية عن الصين وخفض تقديراتهم للنمو من ما بين ثمانية و 8.5 في المئة إلى ما بين 7.5 وثمانية في المئة. وبيّن التقرير ان «مستوى الإقراض المصرفي تحسن خلال آب الماضي وبلغ حجم القروض الجديدة 703.9 بليون يوان (111.4 بليون دولار) مقارنة بتوقعات بلغت 600 بليون، وذلك نتيجة خفض سعر الفائدة خلال حزيران (يونيو) وتموز الماضيين، إضافة إلى المحفزات الحكومية لمشاريع البنية التحتية والتأمين الاجتماعي». وفي حين يعوق التباطؤ في الدول الغربية نمو التبادل التجاري الصيني، فإن نمو الاستهلاك المحلي والإنفاق الحكومي المتزايد والسياسة النقدية الميسرة ستعمل على حماية الاقتصاد الصيني من انخفاض حاد، ويُعتقد ان الزيادة التي شهدها الإقراض خلال آب والأشهر الماضية ستكون محفزاً للإنتاج في الربع الأخير من السنة، وسيضمن بالتالي نمواً يصل إلى 7.5 في المئة على الأقل على أساس سنوي هذه السنة.