اتخذت قضية اختفاء المعارض المغربي حسين المانوزي بُعداً قضائياً، في ضوء إخفاق مساعي هيئة الإنصاف والمصالحة في التوصل إلى الحقيقة. وأفادت صحيفة «الاتحاد الاشتراكي»، أمس، أن الادعاء العام في الرباط وجّه دعوات إلى كل من الجنرالين حسني بن سليمان قائد الدرك الملكي وحميدو لعنيكري المفتش العام للقوات المساعدة، إضافة إلى العميد قدور اليوسفي للاستماع إلى إفاداتهم كشهود في ملف اختفاء المانوزي الذي خُطف من تونس إلى المغرب عام 1972. وجاء الطلب استناداً إلى دخول الناشط الحقوقي مصطفى المانوزي رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف على الخط. إذ تمنى على قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف في الرباط معاودة فتح الملف في ضوء الاستماع إلى إفادات الجنرالين بن سليمان ولعنيكري وعميل الأمن يوسفي للإحاطة بملابسات الاختفاء الذي شمل آخرين. وعزا ذلك إلى أن مركز اعتقال سرياً في الرباط كان يؤوي المعارض المانوزي وسجناء آخرين في منتصف ثمانينات القرن الماضي، كان يوجد تحت إدارة الدرك الملكي بخاصة بعد تدخل الدرك لمعاودة اعتقال سجناء كانوا لاذوا بالفرار ومن ضمنهم متورطون في حادث المحاولة الانقلابية لإطاحة نظام الملك الراحل الحسن الثاني صيف 1972. ونقل عن سجناء سابقين أنهم شاهدوا حسين المانوزي للمرة الأخيرة هناك، فيما أن إفادة عميل الأمن يوسفي تطاول الوضع في معتقل درب مولاي الشرفي في الدارالبيضاء. إذ طلب رئيس المنتدى الحقوقي التحفظ على وضع ذلك المعتقل «كي لا تندثر معالم» انتهاكات حقوق الإنسان التي كان مسرحاً لها في فترة ما يعرف ب «سنوات الرصاص». وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها اللجوء إلى القضاء المغربي للحسم في إشكالات الاختفاء القسري، بخاصة بعد صدور شهادات من طرف بعض الضحايا عرضت إلى الأوضاع المأسوية في معتقلات سرية، مثل تازمامارت ودرب مولاي الشريف ودار المقري وبعض القصبات المهجورة التي تحوّلت إلى سجون خارج رقابة القضاء. إلى ذلك، أفيد بأن المدعي العام في ورزازات، جنوب البلاد، أمر بفتح تحقيق للتعرف على هوية حسين أيت أوزايد الذي دُفن في مقبرة هناك. وتعود وقائع مقتله إلى أحداث القلاقل التي عرفتها البلاد في ربيع 1973، في سياق ما اصطلح عليه ب «أحداث مولاي بوعزة» التي انطلقت بعد تسلل معارضين مغاربة ينتسبون إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من الجزائر ونفذوا هجمات استخدمت فيها بنادق ورشاشات ضد مراكز حراسة. ودانت محكمة عسكرية ما لا يقل عن عشرة متهمين بالإعدام كان من بينهم حسين آيت أوزايد. ولفتت المصادر إلى أن حكم الإعدام نُفّذ في اليوم الثاني لعيد الأضحى المبارك رداً على التعرض لهجمات في الثالث من آذار (مارس) 1973 بالتزامن واحتفالات «عيد الجلوس». على صعيد آخر، انضم محامون بارزون في الدفاع عن حقوق الإنسان إلى هيئة الدفاع عن موظفين في وزارة المال والاقتصاد يتابعان بتهمة «إفشاء السر المهني». وأعلن النقيبان عبدالرحيم الجامعي وعبدالرحيم بن عمرو إضافة إلى رئيس جمعية هيئة حماية المال العام طارق السباعي أنهم يؤازرون المتهمين محمد رضى وعبدالسلام لويز في قضية الكشف عن تعويضات مالية كان يتلقاها الوزير السابق في المال صلاح الدين مزوار والخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة. وتسربت في غضون ذلك معطيات تفيد بأن التحقيق ركّز على تسريب وثائق تكشف «تبادل إكراميات» بين الوزير والخازن العام، من غير أن ينصرف إلى البحث إن كانت حيازة التعويضات تمت بطرق قانونية أم لا. وسبق لوزير العدل والحريات مصطفى الرميد إعلانه أن التحقيق يتعلق بكل ملابسات القضية. غير أن الاقتصار على موظفين ترك انطباعاً سيئاً لدى الرأي العام ووفق مصادر عدة. وصرح النائب الإسلامي عبدالعزيز أفتاتي الذي كان فجّر موضوع تلقي مزوار التعويضات «تحت الطاولة»، بأنه بدل المضي قدماً في خطوات تساعد على استعادة تلك الأموال «يشتغلون على صخرة إفشاء السر المهني»، في إشارة إلى الأسباب التي كانت وراء تفجير القضية. وأرجأت محكمة في الرباط أول من أمس النظر في قضية الموظفين المتابعين بتهم إفشاء السر المهني إلى تشرين الأول (أكتوبر) المقبل لتمكين المحامين من الاطلاع على معطيات التحقيق.