أحياناً يحتاج المريض في قمة ضعفه وعجزه إلى التجرد من ثيابه أمام طبيب غريب في مشهد مزعج بالنسبة إليه، لكنه يقدم على ذلك، كخطوة في طريق العلاج، وطريق العلاج لن يكون سهلاً، سيقتلك الضعف حتى تشفق على نفسك مما تمر فيه... لكنه العلاج. بعد الشفاء وقبل أن تقرر ولو لحظة أن تهمل صحتك، وما إن تتذكر قاع مستنقع الهوان الذي أقمت فيه خلال المرض، حتى تعود أكثر قوة وعزماً على الاهتمام بعافيتك. المنتخب السعودي هو ذلك المريض، ومباراة إسبانيا جزء من المشهد المزعج كونها خطوة في طريق علاج طويلة، نحتاج إلى أن نضرب بهذه القوة حتى نشعر بحقيقة ضعفنا، في مقابل أن ندرك قوة الخصوم لنعود ربما في سنوات مقبلة أكثر قوة، لكن يجب أن نضرب ونكسر ونجرح. أشفقت على نفسي كسعودي، وأنا أتابع اللقاء، وأشفقت على مدرب ذاق الهوان بأقدام لاعبين أشرف على صناعتهم حتى أصبحوا نجوم العالم، وأشفقت على اللاعبين وهم يشعرون بالنقص خلال لقاء كان من المفترض أن يكونوا أندادهم، لكن حال الشفقة الأعظم أصابني، وأنا أتذكر حال منظمي المباراة، فاتحادنا حين قرر تنظيم اللقاء كان يعلم يقيناً أن منتخبه سيهزم، وكان يعرف جيداً بأن الخسارة ستأتي كبيرة، لكنه دخل هذا العذاب رغبة في التطوير، فالقائمون على الاتحاد السعودي جربوا ملاقاة المنتخبات الضعيفة وكانت النتيجة سخرية إعلام وجماهير طالبت بلقاء منتخبات كبيرة، وما إن فعلوا حتى عادت السخرية من جديد، إذ طالب البعض بملاقاة منتخبات أضعف، والعجلة ستستمر في الدوران، فلا المطالبات ولا السخرية ستتوقف. الحقيقة تقول اليوم اننا إذا أردنا أن نشفى حقاً، وأن نعود أكثر قوة، وأن نمتلك في مستقبل الأيام منتخباً قادراً على إسعاد الجماهير، والفوز بالبطولات، فعلينا بالصبر، أما المنطق فيقول إننا ننطلق من تحت الصفر، والهدف اليوم ليس بلوغ العلامة الكاملة، بل النجاح في الوصول إلى الصفر، ومن بعدها نبدأ المشوار الحقيقي. علينا أن نتقبل الخسارة، في مقابل أن يتحمل القائمون على الاتحاد السعودي مسؤولية إعادة بريق المنتخب، فمباراة اسبانيا، وعلى رغم ما أهدته من أحزان للجماهير يجب أن تكون خطوة في طريق لا ينتهي قبل أن ينافس المنتخب في المحافل كافة، إما أن ينتهي المشوار عند تلك الخطوة، ونعود إلى سابق عهدنا بوديات ضعيفة ومباريات لا تقدم ولا تؤخر، فسيكون نصيبنا من خماسية اسبانيا هو الهوان والهوان فقط. يقولون: «آخر الطب الكي» مباراة اسبانيا وغيرها الكثير من المباريات الودية، أو المشاركات في البطولات المختلفة المقبلة، ستحمل في جعبتها للجماهير آلام «الكي» علينا أن نحتمل، وننتظر خروجنا بمنتخب قادر على إخفاء جروح زمن مضى. [email protected] @adel066