كان ذلك مصادفة عندما مرت صفحته أمام عيني على موقعي بالفايسبوك «لايك الرئيس الفلسطيني محمود عباس». وضعت «أعجبني» وتركت الصفحة كرقم من الأرقام على اعتبار أن عدد الأصدقاء لدي تجاوز العشرين ألفاً وبالتالي هي رقم من الأرقام... في اليوم التالي، وجدت رداً من الرئيس على إحدى المشاركات في صفحته وكان رده طويلاً إلى حد ما ولبقاً ومجاملاً وقريباً إلى القلب. «عزيزتي نداء، أدعو الله عز وجل أن تكون كل أيامك خير. اطلعت على رسالتك اللطيفة والصريحة وأعتز بصداقتك التي لا تحتاج إلى ألقاب كما ذكرت، وفعلاً إنها تجربة جميلة أن أتواصل معكم بمقدار ما يسمح لي الوقت. أما استفسارك البسيط حول سبب إنشاء حساب لي على «فايسبوك» فبصراحة وللأمانة أنت قلتها «هناك الكثير من الرائعين هنا، طيبون، جميلون، أحلامهم متواضعة»، ومن هؤلاء من أنشأ، بنية طيبة وبمحبة، حساباً باسمي على «الفايسبوك»، وفي الوقت نفسه هناك من أنشأ حسابات أخرى باسمي لأغراض أخرى، لذلك كان اقتراح بعض الشباب الطيب والمبدع مثلك أن يكون هذا هو الحساب المعتمد لي، حيث بدأت متابعته لأنني على قناعة بأن الشباب هم مستقبل شعبنا ووطننا، ف «مصير كل أمة يتوقف على شبابها»، وبأن الحكمة تقتضي أن نطلع ونتابع هموم وآمال وأحلام شبابنا الذين هم أبناؤنا وأحفادنا، محاولين تفهمهم وجسر الهوة بين زماننا وزمانهم، فنفيدهم من خبراتنا ونواكب تطورات العصر معهم، بما فيها الثورة المعلوماتية الضخمة، ومن ضمنها مواقع التواصل الاجتماعي هذه. إن شعبنا عظيم، وفيه من أصحاب المواهب والإبداع الكثير الكثير، ودائماً أقول إنه ليس لدينا ثروات طبيعية نعتمد عليها، ولكن لدينا الأغلى والأثمن من ذلك، لدينا الإنسان الفلسطيني، والعقل الفلسطيني، والمواهب الفلسطينية والمبدع الفلسطيني الذي نفتخر به، ولدينا قوة الحق الذي يشكل بوصلتنا للوصول إلى أهدافنا، ومن هذا المنطلق شكلنا «المجلس الأعلى للتميز والإبداع» في شهر 7 من هذا العام، ويختص بمتابعة المبدعين والمتميزين في المجالات كافة، والعمل على الاستفادة من إنجازاتهم بما يخدم الوطن والمواطن. شكراً لك ولأصدقائك، متمنياً أن يوحد شبابنا وشعبنا دائماً الود والمحبة والتسامح». استغربت وأحببت أن اختبر الصفحة، فقررت أن أرسل رسالة له أعرض فيها طلبي بإجراء مقابلة معه «حول أبو مازن الإنسان والطفل والمراهق وأيضاً أبو مازن وأوسلو ومشروع القيادة ونظرته لمستقبل السلطة والمزيد»... بعد فترة قصيرة ربما دقائق جاء الرد اللبق من الشباب القائمين على صفحته... «أهلاً بالست ميساء أبو غنام الإعلامية، هل من الممكن أن تبعثي طلب على هذا الفاكس وأيضاً إليك رقم الشباب للتنسيق»... ربما سررت للحظات ليس لقبول طلبي أو لبحثه وإنما لأن الرئيس أبو مازن فهم اللعبة، فمنذ زمن ليس ببعيد ما زالت الفجوة والمسافة كبيرة بين الرئيس وعامة الشعب، أصبحنا في وضع وفي مكان من المخجل أن نبحث عن وسطاء لنخبر الرئيس باحتياجاتنا، إن مفهوم القيادة اليوم هو النزول إلى حاجيات الناس وسماع أصواتهم ومطالبهم واحتياجاتهم، ولى زمن الرئيس الذي يجلس على كرسي عاجي على رأس الهرم، بعد الثورات والانقلابات وانتشار مفاهيم العدالة وتكافؤ الفرص والديموقراطية وسلطة القانون وحقوق الإنسان والعيش الكريم ... مفاهيم تحتم على القائد أن لا يكون أباً بالمفهوم البطريركي أو السيد الإقطاعي (...) أو الرئيس إلى الأبد، بل على العكس أصبحنا في وقت يتحتم على الرئيس أن يبحث عن الناس وليس العكس، وهذا يشكل عبق بقائه واستمراريته وأيضاً وفي الحال الفلسطينية يصبح الشعب صمام أمانه في ظل هذه المتغيرات، ما بين الانقلابات والاحتلال... مبروك سيادة الرئيس فقد فهمت اللعبة.