كل شيء أصبح له موسم، حتى «التسول» له مواسم يكثر فيها المتسولون، مثل شهر رمضان وأشهر الحج، وكل شيء يتطور، حتى «التسول» تطور وأصبحت تلك المهنة منظمة، ومن يمارسها يضع له استراتيجية معينة، وأصبح هناك ابتكارات جديدة في هذا العالم يمارسها المتسولون بشكل عجيب، نعم كل شيء تطور حتى عالم التسول شمله التطوير، وأدخلت عليه بعض التحسينات والابتكارات لكي يرتقي ويواكب العصر ومتطلباته، فلكل زمان متسولوه من الرجال والنساء والأطفال. فعملية التسول القديمة التي تعودنا عليها، مثل الوقوف أمام المساجد وفي الطرقات للتسول، أو ربط اليد، أو الرجل، أو التظاهر بالمرض، أصبحت عملية قديمة لا يمارسها إلا القليل وقدامى المتسولين الذين لم يواكبوا العصر، وأعتقد أن السبب في تخلي الكثير عنها هو تدني جدواها الاقتصادية، حيث أصبحت تلك الوسائل غير مجدية ولا تدر الدخل المطلوب على ممارسيها، الأمر الذي حدا بالمتسولين الى إدخال طرق جديدة على التسول، حيث أصبحنا نتفاجأ في بعض الأحيان، ونحن في مكاتبنا، بامرأة تقف على رؤوسنا بكامل أناقتها وتحاول التحدث معنا بلهجة محلية طالبة المساعدة، ولن تخرج من المكتب الا بالمقسوم، حتى ولو أجرة الليموزين «أي أجرة تسولها لهذا اليوم على حسابنا»، وقد يستوقفك رجل ترافقه عائلته بسيارته، ذو هيئة لا توحي بأنه متسول ويحدثك قصة يدمى لها القلب، ويطلب منك المساعدة لأنه مسافر ومنقطع، ويطلب رقم حسابك لتحويل المبلغ بعد وصوله للمكان الذي يقصده، ولن يحول لك أو يرد مالك. وقد تجد وأنت خارج من البنك أو المستشفى بعض النساء وهن يمتطين سيارة «ليموزين» يطلبن منك المساعدة لشراء دواء، وقد تأخذك العاطفة وتوافق على شراء الدواء لهن، وهن سيحددن لك الصيدلية التي تشتري منها الدواء! «هناك اتفاق مع بعض الصيدليات لشراء دواء منها وبيعه بسعر أقل عليها»! أيضاً من الوسائل الحديثة أنه قد يطرق بابك شخص بكامل أناقته ويسلم عليك هاشاً باشاً وكأنه يعرفك ذاكراً اسمك ويطلب منك المساعدة. فما الدوافع لتلك الابتكارات؟ هل أصبح المحسن لديه وعي بالأساليب القديمة، مما أدى إلى ابتكار أساليب جديدة؟ عموماً سنعتبر ذلك تطوراً مهما كانت الأسباب، ولكن هل تطورت سبل المكافحة لدى مكتب مكافحة التسول لمواكبة كل التطورات في عملية التسول؟ لماذا مثل هؤلاء يسرحون ويمرحون ويشوهون بلدنا دون رادع؟ من المتسبب في استمرار هؤلاء؟ هل هو المواطن، أم الجهات المسؤولة، أم الاثنان معاً؟ أين دور مكافحة التسول؟ أين دور الجهات الأمنية في هذا الجانب؟ هل غياب رجال المكافحة عن الساحة هو تقصير منهم أم بسبب قلة عددهم وامكاناتهم؟ هل هناك قصور في الإمكانات المتاحة لهم لا تساعدهم على تأدية الدور المطلوب؟ أين دور المواطن في القضاء على هذه الظاهرة؟ لماذا نحن كمواطنين تغلب علينا السلبية في مثل تلك الأمور ولا نقوم بالدور المطلوب منا؟ لا ننكر أنه يوجد فقراء ولكن الفقير الحقيقي لن يطوف ويسأل الناس المساعدة، فقنوات المساعدة للمحتاجين في بلدنا ولله الحمد كثيرة من خلالها تتم مساعدة مثل هؤلاء، إضافة إلى أنه يوجد الكثير من أهل الخير الذين يتلمسون حاجة المحتاج ويوصلون المساعدة دون أن يسأل الناس إلحافاً. ... فمن المسؤول عن ذلك؟ [email protected]